العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
وعلى الفور بدأت مصر جهودها بتواصلها مع الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى وأطراف أخرى، بهدف احتواء التصعيد، والتهدئة.
|
أبعاد حرب غزة الخامسة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل
لواء د. سمير فرج
|
10 أغسطس 2022
|
هذا الأسبوع حققت مصر نجاحًا جديدًا عندما نجحت جهود الوساطة في التوصل إلى وقف إطلاق النار بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، في حرب غزة الخامسة. حيث أكدت مصر بذل جهودها للعمل على الإفراج عن الأسير خليل العواودة، ونقله للعلاج.
وكذلك العمل على الإفراج عن الأسير بسام السعدى. وأكد البيان الاسرائيلى شكر مصر على جهودها لتحقيق ذلك الاتفاق، كما وجه رئيس الوزراء الإسرائيلى شكره الخاص للرئيس «السيسي» على جهوده في وقف إطلاق النار، وأن مصر أصبحت أساس الاستقرار في المنطقة. وجاء شكر الرئيس الأمريكى «جو بايدن» لمصر للمرة الثانية، وبعد أن كانت المرة الأولى في نجاحها في معركة غزة الرابعة.
كذلك ثمن الرئيس الفلسطينى محمود أبومازن جهود مصر. وكانت إسرائيل قد قامت يوم الجمعة عصرًا، الأسبوع الماضى، بتصفية تيسير الجعبرى، قائد سرايا القدس في حركة الجهاد الإسلامى في قطاع غزة. حيث قامت الطائرات الإسرائيلية بمهاجمة شقته في برج فلسطين في غزة، حيث قُتِل 10 أفراد، منهم 7 من مرافقيه بالجهاد الإسلامى من سرايا القدس، وطفلة عمرها خمس سنوات.
وعلى الفور جاء رد حركة الجهاد الإسلامى بإطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل والتى بلغت 120 صاروخا في اليوم الأول، وجاء الرد الإسرائيلى باعتقال 20 ناشطًا من الجهاد الإسلامى في الضفة الغربية. كما انطلقت صافرات الإنذار في تل أبيب، بعد أن وصلت صواريخ حركة الجهاد على مشارف المدينة.
وطبقًا لبيان الجيش الإسرائيلى في اليوم الأول، نفذت إسرائيل هجومها بعدد 30 غارة على أكثر من 40 هدفا داخل قطاع غزة. وتقول إسرائيل إن القبة الحديدية اعترضت أكثر من 60 صاروخا، وإن هناك 30 صاروخا سقطت داخل أراضى قطاع غزة في اليوم الأول.
.. وعلى الفور بدأت مصر جهودها بتواصلها مع الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى وأطراف أخرى، بهدف احتواء التصعيد، والتهدئة. كذلك طلبت مصر إيقاف استهداف قادة المقاومة، وكان رد إسرائيل أنها لن توقف أعمال القتال إلا بعد تحقيق الأهداف من العملية.
ويأتى السؤال التحليلى، لماذا اختارت إسرائيل هذا التوقيت بالذات لبدء تنفيذ هذا التصعيد وهذه العمليات، خاصةً أنها هي التي اختارت التوقيت. وأعتقد أن هناك سببين رئيسيين، الأول سبب سياسى وهو أن الانتخابات الإسرائيلية القادمة بعد ثلاثة أشهر من الآن، ويريد «لابيد»، رئيس الوزراء الاسرائيلى، أن يدخل الانتخابات، والخوف لدى الناخب الإسرائيلى من التهديد الفلسطينى من عناصر المقاومة، وأنه يحتاج إلى حكومة قوية قادرة على تأمينه، وهو نفس أسلوب «نتنياهو» من قبل عند دخوله أي انتخابات قادمة في الماضى.
فكان يختلق نزاعا عسكريا مع المقاومة الفلسطينية. أما السبب الثانى، وهو الهدف العسكرى، ومنه أن إسرائيل فور تجميعها لأى معلومات جديدة عن عناصر المقاومة الفلسطينية، مثل أماكن تواجد القادة، وأماكن التسليح، وورش التصنيع، خاصةً أن معظم الصواريخ التي تصل للمقاومة من إيران غالبًا ما تكون مفككة، ويتم تجميعها في ورش صغيرة في غزة. فإنها تنفذ وتقوم بمثل هذه العمليات، للقضاء على القادة وأماكن التسليح والورش. وهذا ما حدث عند تصفية تيسير الجعبرى، وبتنفيذ 30 غارة على أكثر من 40 هدفا للمقاومة.
والسبب العسكرى الثانى، هو اختبار تطوير القبة الحديدية الإسرائيلية للتصدى لصواريخ المقاومة الفلسطينية، بعد أدائها غير الناجح في معركة غزة الرابعة، حتى إن أمريكا قامت بدعم إسرائيل بمبلغ 3 مليارات دولار لتطوير نظام القبة الحديدية.
وكلنا نذكر من زيارة الرئيس الأمريكى «جو بايدن» لإسرائيل الشهر الماضى عند وصوله إلى مطار «بن جوريون»، قامت إسرائيل بعرض التطوير الذي حدث في صواريخ القبة الحديدية، وبالطبع كان التطوير على الورق والحاسبات فقط، لذلك كانت هذه الاشتباكات فرصة للاختبار العملى لهذا التطوير الذي تم خلال العام الماضى.
وفى هذه المرة، سوف يتم حساب عدد الصواريخ الفلسطينية التي تم اعتراضها، وتدميرها من حيث المدى، والارتفاعات، وسرعة الإنذار. ومن هنا يتم تقرير هل هناك مازال نقاط ضعف لتلافيها في التطوير القادم بالنسبة لأطقم تطوير نظام القبة الحديدية في الفترة القادمة.
أما السبب العسكرى الثالث، فهو قيام المقاومة في غزة بتطوير نظام مترو أنفاق غزة، وهى الخنادق التي قامت المقاومة في الغزو السابق في العام الماضى بإنشائها لإخفاء الصواريخ عن نيران الطائرات الإسرائيلية. ونجحت إسرائيل في تدمير جزء منها في حرب غزة الرابعة. لكن المقاومة قامت بتطويرها في الفترة الأخيرة، وأعلنت إسرائيل ذلك، ومن هنا كانت فرصة في هذه الحرب الجديدة أن تستكمل إسرائيل تدمير هذه الأنفاق الجديدة في قطاع غزة.
ويأتى السبب الرابع وهو أن تستهلك المقاومة الفلسطينية صواريخها في اتجاه إسرائيل، بحيث يقل المخزون المتبقى لدى عناصر المقاومة. كذلك تهدف هذه الحرب إلى أن تتعرف إسرائيل على أي تطوير حدث في نظام الصواريخ الفلسطينية، التي من الممكن أن تكون حدثت في الفترة السابقة، بدلًا من أن تفاجأ بها في أي قتال قادم.
وبعد أن انتهت هذه المعركة الخامسة، وبتحليل الأحداث، نجد أن كلا الطرفين الإسرائيلى والمقاومة، حقق نجاحًا متوازيًا، حيث نجح رئيس الوزراء الإسرائيلى «لبيد» بإشعار الناخب الاسرائيلى بأن إسرائيل مهددة دائمًا من المقاومة الفلسطينية، وأنها تحتاج إلى حكومة قوية.
وعليك أيها الناخب الإسرائيلى أن تعطى صوتك لنا. كذلك نجح خبراء وعلماء نظام القبة الحديدية الإسرائيلى في اختبارات عملية على أرض المعركة لمعرفة هل حققت أعمال التطوير أهدافها، التي دفعت أمريكا ثمنها بمقدار 3 مليارات دولار، وهل مازالت هناك بعض المشاكل تحتاج للتطوير. ويكفى مقولة «جو بايدن» وهو يهنئ رئيس الوزراء الإسرائيلى، حيث أشار إلى اشتراك أمريكا في تطوير القبة الحديدية التي كان لها دور فعّال في تلك الحرب.
وعلى الجانب الفلسطينى نجحت المقاومة في أن تزرع الرعب في قلب المواطن الإسرائيلى، بعد أن وصلت صواريخها إلى تل أبيب وعسقلان، وأن تنجح في إجبار إسرائيل على إيقاف الطيران فوق مطار «بن جوريون». وأصبحت المقاومة الآن تقف بالند أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية. كل ذلك تم دون تدخل حماس وباقى عناصر المقاومة الفلسطينية.
وعلى الجانب المصرى فلقد أثبتت القيادة المصرية أن مصر هي صمام الأمن في منطقة الشرق الأوسط. وأن بسياستها الخارجية، حققت توازنا بين جميع الأطراف في المنطقة. وحققت القدرة على إقناع الجانبين الفلسطينى والاسرائيلى، والتعاون مع الولايات المتحدة لتحقيق ذلك الهدف.
وهكذا ستظل مصر دائمًا هي محور الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وليس بالكلمات، ولكن بما حققته على أرض الواقع.
Email: sfarag.media@outlook.com
|