العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
فى ليلة 5 سبتمبر من عام 2007، تم تنفيذ عملية عسكرية لتدمير المفاعل النووى السورى، فى منطقة الكبر، فى محافظة دير الزور، شرق سوريا. واليوم، وبعد 15 عاما، أعلنت إسرائيل مسئوليتها عن العملية التى نفذتها بسلاحها الجوى.
|
إسرائيل وضرب المفاعل النووى السورى
لواء د. سمير فرج
|
15 ديسمبر 2022
|
فى ليلة 5 سبتمبر من عام 2007، تم تنفيذ عملية عسكرية لتدمير المفاعل النووى السورى، فى منطقة الكبر، فى محافظة دير الزور، شرق سوريا. واليوم، وبعد 15 عاما، أعلنت إسرائيل مسئوليتها عن العملية التى نفذتها بسلاحها الجوى، وهو الإعلان الذى لم يخرج اليوم بمحض المصادفة، أو التسريب، وإنما خرج كرسالة تحذير لآخرين، وفق ما أعلنت، قاصدة إيران، فى تهديد صريح، ومباشر، بقدرة إسرائيل على مباغتتها بعملية عسكرية مثيلة، لتدمير المفاعلات النووية الإيرانية، اتساقاً مع تصريحاتها المتكررة، بأنها لن تسمح لإيران بتملك سلاح نووى.
ولقد أعلنت إسرائيل عمليتها ضد المفاعل النووى السورى، التى أطلقت عليها إيم، أو عملية البستان، بعدما كانت قد أصدرت أمرا رقابيا عسكريا بحظر النشر فى ذلك الموضوع، رغم صدور بعض التلميحات، من الصحف الإسرائيلية، على مدى السنوات الماضية، دون أى نفى أو تأكيد من الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يعد إحدى وسائل توجيه الرسائل أو التحذيرات للجانب الإيرانى. وبعد تنفيذ العملية، نفت سوريا كل الأخبار المتداولة بالصحف الإسرائيلية، مشيرة إلى أن المبانى المستهدفة لم تتعد كونها قاعدة عسكرية سورية مهجورة.
وفى هذه المرة، خرج الإعلان الإسرائيلى مصحوبا بصور، وتسجيلات مصورة من قمرة قيادة الطائرة، التى نفذت الضربة الجوية ضد المنشأة النووية فى الصحراء الغربية من دير الزور، على مسافة 480 كم داخل سوريا، التى كانت تبنيها سوريا بمساعدة كوريا الشمالية. وعلق مدير الاستخبارات الإسرائيلية، يسرائيل كاتس، على ذلك الخبر، قائلاً إن القرار الشجاع للحكومة الإسرائيلية، آنذاك، بتدمير المفاعل النووى السورى، هو رسالة واضحة بأن القيادة الإسرائيلية الحالية لا تنقصها الشجاعة أو الإصرار لتكرار العملية، مقابل أى تهديد للأمن القومى الإسرائيلى، مؤكداً أن امتلاك إيران قوة نووية يعد تجسيدا فعليا لتهديد الأمن القومى لبلاده. ويذكر أن إسرائيل قامت فى عام 1981 بغارة جوية، دمرت خلالها مفاعل تموز النووى فى العراق، رغم معارضة واشنطن لتلك الخطوة، حينئذ.
أما عن تفاصيل العملية ضد المفاعل النووى السورى، فقد أعلنت إسرائيل قيامها بتنفيذ غارة جوية فى الساعة 22:30، من مساء الخامس من سبتمبر 2007، باستخدام 4 طائرات من طراز أف -16، و4 من طراز أف -15، ثم عادت فى فجر السادس من سبتمبر، لاستكمال مهمتها حتى تمكنت من تدمير الموقع، تماما، وعادت القوات الجوية إلى قواعدها سالمة.وأضاف الخبر أن الطائرات،المشاركة فى العملية، أقلعت من قاعدتى حتسريم ورامون، فى النقب جنوب إسرائيل، وحلقت على ارتفاعات منخفضة، غربا ثم شمالا، فى اتجاه قبرص، لخداع شبكة الرادارات السورية، ومنها اتجهت صوب الحدود الجنوبية، بين سوريا وتركيا، حيث حلقت على ارتفاع عال.
كانت الاستخبارات الإسرائيلية، أو الموساد، قد حصلت على معلومات، فى عام 2004، بوجود خبراء أجانب، وتحديدا من كوريا الشمالية،لمساعدة سوريا فى النشاطات النووية، وذكر رئيس أركان الجيش الإسرائيلى، غادى أيزنكوت، الذى كان قائد المنطقة الشمالية فى إسرائيل، والمسئول عن هذه العملية، حينئذ، أنه اجتمع بقادة المنطقة، الشمالية، وأبلغهم بضرورة الاستعداد لأى رد فعل لعملية كبيرة، مرتقبة، دون أن يعطيهم أى تفاصيل عن طبيعة الهدف.
وأفادت التقارير، حول هذه العملية، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، حينها، إيهود أولمرت، كان قد أبلغ الرئيس الأمريكى، جورج بوش، بأن بلاده مُقدمة على تفجير المفاعل النووى السورى، تحت الإنشاء، فى دير الزور. وذلك بعدما كانت الموساد قد نفذت عملية، مفاجئة، اغتالت فيها الجنرال السورى محمد سليمان، الذى اعتبره العقل المدبر وراء إنشاء ذلك المفاعل النووى السورى، بواسطة وحدة المخابرات الإسرائيلية الخاصة شايطيت 13، كما أفادت التقارير أن الموساد الإسرائيلية قد اقتحمت بيت عالم سورى، يعيش بالخارج، واستولت على جهاز الحاسب الآلى الخاص به، والذى يحتوى على كل تفاصيل بناء هذا المفاعل النووى، ورسوماته الإنشائية، وجميع خصائصه.
وفى تقرير جهاز الموساد، لرئاسة الأركان الإسرائيلية، عن تنفيذ هذه العملية، ارتكزت على تقرير منتشر للوكالة الدولية، بالعثور على عدد كبير من جزيئات اليورانيوم الطبيعى للعينات التى تم أخذها من الموقع، علاوة على المعلومات التى كانت موجودة على جهاز الحاسب الآلى للعالم السورى الموجود خارج البلاد.
ومما زاد من شكوك إسرائيل عن ضلوع سوريا فى نشاط نووى، كان رفض الأخيرة، فى ذلك التوقيت، السماح لمفتشين من وكالة الطاقة النووية لزيارة موقع دير الزور.
ومن هنا خرجت كل الروايات، والقصص، والأخبار، التى أذاعتها إسرائيل، حينها، كرسائل ردع، فى إطار الحرب النفسية، لتهديد إيران حال إصرارها على عدم تجميد ووقف برنامجها النووى.
وتسعى إسرائيل، حالياً، للحيلولة دون الاتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، لإعادة التوقيع على اتفاق نووى، بعدما كانت الإدارة الأمريكية، فى عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، كانت قد انسحبت من الاتفاق الذى أبرمه الرئيس الأسبق، باراك أوباما، قبيل مغادرته البيت الأبيض، بل وأعلنت أنه حتى فى حالة توقيع الاتفاق، فإن إسرائيل لن تكون ملزمة به. ورغم جهود الوساطة التى يبذلها الاتحاد الأوروبى، ورغم تنازل إيران عن شرط رفع الحرس الثورى من قوائم الإرهاب، إلا أن كل الدلائل تشير إلى عدم اقتراب موعد توقيع الاتفاق النووى الجديد، مع إيران، فى ظل تفضيل الولايات المتحدة الأمريكية تأجيله لما بعد انتخابات التجديد النصفى.
Email: sfarag.media@outlook.com
|