العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
وهكذا تسارعت وتيرة الأحداث منذ بداية العام الثانى للحرب الروسية الأوكرانية، وفى كل يوم تبرز معلومات جديدة عن مفاهيم السيناريوهات المحتملة للعمليات القادمة.
|
الحرب الروسية الأوكرانية فى عامها الثانى... إلى أين؟
لواء د. سمير فرج
|
6 إبريل 2023
|
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثانى، بتطورات ومعطيات جديدة، غيرت السيناريوهات المحتملة لهذه الحرب، تمثلت فى الدعم العسكرى الهجومى الذى حصلت عليه أوكرانيا من الولايات المتحدة وحلف الناتو، بعدما كان الدعم، فى العام الأول للحرب، مقصورا على الأسلحة الدفاعية، لإطالة زمن الحرب، بهدف استنزاف الاقتصاد الروسى، وفقا لخطة الولايات المتحدة، وهو ما نجحت فيه، جزئيا، حيث تركزت عمليات القوات الأوكرانية، فى العام الأول من الحرب، على صد الهجمات الروسية، رغم نجاح روسيا فى ضم أربع مقاطعات أوكرانية،وهى لوجانسك، ودونيتسيك، وزابورجيا، وخيرسون، بإجمالى مساحة يعادل 20 فى المائة من الأراضى الأوكرانية.
ظهرت أولى صور الدعم العسكرى الهجومى، من الولايات المتحدة وحلف الناتو، فى مدّ الولايات المتحدة أوكرانيا ببطاريات الباتريوت المضادة للطائرات والصواريخ، كما أمدتها بالدبابات M1A1، فضلاً عن الدبابات التى حصلت عليها أوكرانيا سواء دبابات الليوبارد من ألمانيا، أو دبابات AMX من فرنسا، أو دبابات تشالنجر من بريطانيا. ولا شك أن دعم أوكرانيا بهذه الدبابات الهجومية من شأنه تغيير أسلوب قتال القوات الأوكرانية فى السنة الثانية من الحرب، رغم ما يحتاجه الأطقم الأوكرانية من تدريب على استخدام تلك الدبابات، وهو ما سيستغرق مدة قد تزيد على ثلاثة أشهر. وقد صرح الرئيس الأوكرانى، بأن حرب الربيع الأوكرانية، للهجوم المضاد على القوات الروسية، وإجلائها عن الأراضى الأوكرانية، لن يتم قبل وصول تلك الدبابات، واكتمال تدريب الأطقم الأوكرانية المخصصة لها. وأعلن زيلينسكى كذلك أن بلاده تحتاج إلى تعزيز تلك الأسلحة الهجومية، بطائرات مقاتلة من طراز إف 16، وهو ما رد عليه البنتاجون بأن قرار إمداد أوكرانيا بهذه الطائرات لم يُتخذ بعد.
أما ثانى التطورات، فى اتجاه الدعم الهجومى، فكان فى قرار بريطانيا دعم القوات الأوكرانية بقذائف خارقة للدروع، تحتوى على اليورانيوم المنضب، القادرة على تدمير الدبابات والمدرعات الحديثة، والتى سيتم استخدامها بواسطة الدبابات تشالنجر البريطانية. يُعرف اليورانيوم المنضب، بأنه المنتج الثانوى الرئيسى لعملية تخصيب اليورانيوم، يستخدم فى المفاعلات النووية، أو الأسلحة والذخائر، بسبب كثافته العالية،بما يسهل عملية اختراق الدروع والعربات المدرعة. أما فيما يخص الأثر الصحى الذى يخلفه ذلك النوع من الذخيرة، فإن الاقتراب منها لا يضر بالصحة، إلا أن مقذوفات اليورانيوم المنضب تُشكل خطرا جسيما على الصحة إذا ما وصلت المادة إلى جسم الإنسان، من خلال الشظايا، أو الاستنشاق، أو بلع مواد ملوثة باليورانيوم، مما يسبب الإصابة بسرطانات الرئة والدم والعظام.
وكان أول تعليق من وزير الدفاع الروسى، شويجو، أن هذا الإجراء سيؤدى إلى خطوات نحو التصادم النووى، ورغم أن هذا المصطلح لم يستخدم عسكرياً، من قبل، فإنه يشير إلى استعداد روسيا لاستخدام القنابل النووية التكتيكية، الأمر الذى سيشعل الأحداث فى المنطقة، خاصة أن أوكرانيا لا تملك أسلحة نووية. والحقيقة أن الأمر لم يقتصر على تصريحات وزير الدفاع، وإنما امتد لقرار الرئيس الروسى بوتين، بنشر أسلحة نووية تكتيكية فى بيلاروس، المجاورة لأوكرانيا، وتصريحه بأنه قد تم، بالفعل، إرسال عشر مقاتلات إلى مينسك، قادرة على حمل الأسلحة النووية التكتيكية. وهو ما تشير بعض التحليلات إلى أنه تصعيد روسى غير مبرر، وناتج عن عدم قدرة روسيا على حسم القتال بطرق تقليدية، واتخاذها من تصرف بريطانيا ذريعة لاستخدام أسلحة نووية تكتيكية، فى القتال ضد أوكرانيا.
تتميز الأسلحة النووية التكتيكية بصغرها؛ من حيث الحجم والمدى، بما يُسّهل استخدامها ضد أهداف عسكرية محدودة، دون تدمير المنطقة بأكملها،كما لا تتسبب فى إشعاعات نووية واسعة النطاق.وتعد روسيا القوى النووية الأولى، فى العالم، بمخزون يصل إلى 4500 رأس نووى،طبقاً لتقديرات معهد ستوكهولم الدولى لبحوث السلام SIPRI، حيث يكون السلاح النووى مزوداً برءوس صغيرة، يبلغ مداها أقل من 600 كيلومتر، ينقسم إلى نوعين، الأولى تفوق قوتها القنبلة الذرية التى سقطت فى هيروشيما، والأخرى لا تزيد قوتها على قوة نيران المدفعية.ووفقاً لبيانات الاستخبارات الأمريكية، فإن مخزون روسيا من الأسلحة النووية التكتيكية يبلغ 2000 سلاح.
ولقد أعلن الرئيس بوتين أن خطته لنشر الأسلحة النووية التكتيكية فى بيلاروسيا لا تشكل انتهاكا لاتفاقيات حظر الأسلحة النووية،مضيفاً أن الولايات المتحدة فعلت ذلك على مدى عقود حين وضعت الأسلحة النووية التكتيكية فى أراضى حلفائها من دول الناتو، وتحديداً فى ست دول وهى ألمانيا، وهولندا، وبلجيكا، وإيطاليا، وتركيا، واليونان. ومن جانبه عقد رئيس بيلاروس مؤتمراً صحفياً أعلن خلاله أن موسكو ستدرب طيارى بلاده، على قيادة الطائرات القادرة على حمل رءوس خاصة، مضيفاً أن نظام الدفاع الجوى S400، المنقول إلى بيلاروس، على وضع الاستعداد القتالى لحماية أراضى بلاروسيا. وعلى الطرف الآخر،علق الرئيس الأمريكى جو بايدن، بأنه لا توجد، حتى الآن، مؤشرات على استعداد روسيا لاستخدام الأسلحة النووية.
وهكذا تسارعت وتيرة الأحداث منذ بداية العام الثانى للحرب الروسية الأوكرانية، وفى كل يوم تبرز معلومات جديدة عن مفاهيم السيناريوهات المحتملة للعمليات القادمة، خاصة بعد الرفض الأمريكى للمقترحات الصينية للسلام، المكونة من 12 بندا، والتى أمل الجميع أن تؤدى إلى تحقيق السلام... ليبقى السؤال معلقاً؛ كيف ومتى ستنتهى تلك الحرب؟
Email: sfarag.media@outlook.com
|