العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
واليوم، نجحت مصر في القضاء على الإرهاب، حيث دفعت ثمنًا غاليًا كبيرًا، ليس أموالًا فقط، ولكن مصابين وشهداء.
|
مصر تنتصر على الإرهاب بالتنمية
لواء د. سمير فرج
|
10 يونيو 2023
|
أصبح الإرهاب الآن ظاهرة عالمية، حيث انتشرت الجماعات الإرهابية في كل أرجاء العالم، بل تنوعت أساليبها المختلفة من الأعمال القتالية إلى التفجيرات إلى الهرس بالعربات، ولعل أخطر أنواع هذه العمليات الإرهابية هي التي تعتنق الإرهاب الدينى، مثل حركات IRA في أيرلندا في السبعينيات في المملكة المتحدة إنجلترا، والإرهاب الذي يقوم على فكر الإسلام الدينى المتطرف، وهو ما تعرضت له مصر ومنطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية.
ولقد حاصرت مصر هذا الإرهاب في الاتجاهات الاستراتيجية الثلاثة، حيث جاءت الجماعات المتطرفة من سيناء في الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى بهدف إنشاء وإقامة الدولة الإسلامية، ثم جاءت الجماعات والحركات الإسلامية المتطرفة من الاتجاه الاستراتيجى الغربى من اتجاه ليبيا بعد رحيل القذافى وسقوط الدولة الليبية، وأصبحت ليبيا دولة بلا حكومة، لذلك جاء هذا الاتجاه الإرهابى من الصحراء الغربية، وفى الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى، جاءت أيضًا هذه الجماعات والحركات الإرهابية من السودان، بعد فشلهم في اختراق الحدود المصرية الليبية، ومنها بدأ التسلل إلى مصر من اتجاه الجنوب.
ومن هنا كان على مصر أن تقوم بتأمين هذه الاتجاهات الاستراتيجية الثلاثة في وقت واحد ضد العمليات الإرهابية، ولكن كان أخطرها بالطبع الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى أو ما يُطلق عليه الاتجاه السيناوى. وكانت البداية في أكتوبر 2004 بتفجيرات ضد هيلتون طابا، ومن بعدها ظهرت العديد من الجماعات الإرهابية الإسلامية في سيناء، وهى أنصار بيت المقدس، جند الإسلام والتكفير والهجرة، والقاعدة، وجماعة التوحيد والجهاد، وكتيبة أنصار الشريعة، ومجلس شورى المجاهدين، وأجناد الأرض، وأنصار جندالله.
ولقد بدأت القوات المسلحة والشرطة عملياتها في سيناء للتصدى ومقاومة هذه العمليات الإرهابية، حيث اشتدت العمليات الإرهابية في سيناء عقب أحداث ثورة 25 يناير 2011، في ظل غياب أمنى في سيناء، حيث قامت القوات المسلحة المصرية في تلك الفترة بعملية النسر في عام 2012.
وقامت بتنفيذ عملية أخرى باسم عملية سيناء، وفى نوفمبر 2013 وبعد الإطاحة بالرئيس الأسبق مرسى، أعلنت جماعة بيت المقدس في سيناء تغيير اسمها إلى ولاية سيناء، وخصوصًا بعد كلمة زعيم تنظيم داعش آنذاك، أبوبكر البغدادى، بقبول بيعة الجماعة.
وظهر عَلَم منظمة ولاية سيناء وعليه عَلَم داعش، ومن هنا بدأت مصر العملية الشاملة في سيناء في فبراير 2018، وبدأت تعمل في إطار القيادة الموحدة التي أنشأتها القوات المسلحة المصرية شرق القناة لكى تجمع فيها القوات البرية والبحرية والجوية وقوات الصاعقة وقوات حرس الحدود، حيث بدأت السيطرة على حركة الدخول والخروج من سيناء، وإقامة الحواجز للتفتيش عند تنقل الأفراد، وفرض حظر التجوال، وقد تمت السيطرة وبناء جدران عازلة على الحدود مع غزة.
ولعل أهم هذه الإجراءات التي كانت بين سيناء وغزة، وهو تدمير الأنفاق، الذي وصل عددها إلى أربعة آلاف نفق، لدرجة أنه كانت في فترة ما وزارة في غزة تحمل اسم وزارة الأنفاق، التي تسيطر على كل ما يدخل من غزة إلى مصر، وبالذات في منطقة رفح، هذه المدينة التي تنقسم بين رفح المصرية والفلسطينية، حيث كانت أكبر مسارات ومداخل لتهريب الأسلحة والمتفجرات والقوات، كذلك نجحت القوات المسلحة في تدمير ملاجئ العناصر الإرهابية ومراكز المعلومات والمراكز الإعلامية.
وجاء عام 2020 ليشهد تضييق الخناق بالكامل على هذه العناصر الإرهابية، التي تركزت في البداية في منطقة مثلث رفح- العريش- الشيخ زويد، وبعدها انسحبت هذه العناصر إلى جبل الحلال، وهناك قامت عناصر القوات المسلحة والشرطة بمتابعتها، بعدها لجأت إلى منطقة الشيخ زويد وبئر العبد، ولقد كانت عملية الهجوم الإرهابى على مسجد الروضة، التي أسفرت عن مقتل 311 شهيدًا، هي التي دفعت القوات المسلحة إلى سرعة القضاء على العمليات الإرهابية، حيث حدد الرئيس السيسى بعدها مدة ثلاثة شهور للقضاء على الإرهاب في سيناء،
واليوم، نجحت مصر في القضاء على الإرهاب، حيث دفعت ثمنًا غاليًا كبيرًا، ليس أموالًا فقط، ولكن مصابين وشهداء. وهنا برزت استراتيجية الرئيس السيسى بأن تأمين سيناء لن يكون بالقوات العسكرية فقط، ولكن بالتنمية، حيث ضخت مصر مبلغ 700 مليار جنيه (29.8 مليار دولار) بهدف تنسيق تنمية سيناء.
وجاءت تنمية سيناء من خلال عدة محاور، كان المحور الأول هو ربط سيناء بالوطن الأم الدلتا من خلال إقامة أربعة أنفاق وكبارى في هذا الاتجاه، حيث أصبح المرور من غرب القناة إلى شرقها لا يتعدى دقائق معدودة.
بعدها تمت إقامة العديد من شبكات الطرق والمواصلات، التي أصبحت شريان الحياة الاقتصادية والتنمية في سيناء، بعدها قامت مصر بتنمية ثلاثة مصانع للأسمنت في سيناء، وأصبحت لها القدرة الكافية على إنتاج الأسمنت للتصدير، ومن هذا المنطلق قامت مصر بتنمية مصانع رخام في منطقة الجفجافة، حيث لأول مرة لم يعد تصدير الرخام في شكل بلوكات.
ولكن يتم تصديره بعد تجهيزه وتصنيعه ليكون جاهزًا للتركيب الفورى، وهو من أجود أنواع الرخام في العالم، ومن هذا المنطلق تم تطوير ميناء العريش البحرى، الذي كان في الماضى لا يسع أكثر من أربع سفن، حيث تم تطويره ليكون بسعة 24 سفينة، وفى الشهر الماضى أصدر الرئيس أوامره ليكون ميناء العريش مثل ميناءى بورسعيد والإسكندرية ميناء رئيسيًّا في البحر المتوسط، ويقوم بتصدير كل منتجات سيناء.
وعلى الطرف الآخر جاء تطوير بحيرة البردويل، حيث تم تخصيص وشراء عدة كراكات لتعميق البحيرة، خاصة أنها عانت الإهمال لفترات طويلة، كما تم تعميق وفتح البوغاز على البحر المتوسط، وتمت الاستعانة بالخبرات اليابانية لاستنباط الأنواع المتميزة التي تتميز بها بحيرة البردويل، لدرجة أنه تم تعميق البحيرة على أعماق مختلفة ليكون كل عمق يتناسب مع نوعية السمك المراد تربيته.
كذلك تم إنشاء مصنع للفوم، وإنشاء مصنع للثلج ومطار البردويل الدولى، حيث يتم يوميًّا تصدير جميع منتجات أسماك البردويل إلى أوروبا، ومن هذا المنطلق تم إنشاء مدرسة ثانوية للأسماك في منطقة البردويل لتكتمل العملية التعليمية مع التصنيعية.
وفى اتجاه آخر، تمت، لأول مرة، عملية توطين البدو في سيناء، حيث كانت فكرة الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يتم أولًا حفر آبار مياه، وبعد أن يتم حفر بئر مياه، يتم بناء القرية البدوية حول البئر، ويتم تخصيص منزل وتسعة أفدنة للأسرة البدوية لزراعتها، وفى نفس القرية البدوية تنشأ وحدة صحية ومدرسة الفصل الواحد، ومن المنتظر في نهاية عام 2024 أن يتم توطين بدو سيناء بالكامل.
كذلك تم إنشاء مدارس ثانوية في معظم مناطق سيناء في الحسنة وبئر العبدوالقسيمة الكونتيلا وبئر لحفن، بهدف تخريج أبناء سيناء الحاصلين على الثانوية العامة. وفى العام الماضى، أصدر الرئيس السيسى قرارًا بدخول أبناء سيناء الحاصلين على الثانوية العامة في كلية الشرطة والكلية الحربية وكلية الطب وباقى كليات مصر، بحيث بعد أربع سنوات يكون أبناء سيناء منهم مَن هو ضابط قوات مسلحة وشرطة، ووكيل نيابة، ومدرس، وطبيب.
وهكذا تعود سيناء بأبنائها إلى حضن الوطن الأم، وعلى الاتجاه الآخر، تم بناء ثلاث مدن جديدة شمال بورسعيد ثم شمال الإسماعيلية الجديدة، ثم جنوب سيناء. كما تم بناء ثلاث جامعات في سيناء واحدة شمال بورسعيد والثانية شمال الإسماعيلية والثالثة جامعة الملك سلمان في جنوب سيناء بهدف إعطاء الفرصة لأبناء سيناء للالتحاق بهذه الجماعات، وألّا يتغرب أبناء سيناء مرة أخرى عن موطنهم للالتحاق بالجامعات المصرية في الدلتا.
وعلى الاتجاه الآخر، تمت زراعة 4 آلاف فدان في سيناء من خلال سحارة سرابيوم، بعد إنشاء أكبر محطة تنقية ثلاثية للمياه في منطقة بحر البقر، وبالتالى ستنشأ تنمية زراعية جديدة في سيناء تحقق نقل ملايين المواطنين من الدلتا إلى سيناء. كل هذه الأعمال تمت في الفترة السابقة والقادمة بهدف تنمية سيناء، وأساسها هو التأمين، وهكذا كان نجاح مصر في القضاء على الإرهاب لتتبعه تنمية، حيث تصبح سيناء جزءًا من الوطن الأم، ويتم القضاء على الإرهاب تمامًا.
Email: sfarag.media@outlook.com
|