العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
ويعتقد بعض المحللين، فى أوروبا والولايات المتحدة، أن المقاتلات إف 16 قادرة على ردع القوات الجوية الروسية.
|
الطائرة إف 16 فوق سماء أوكرانيا
لواء د. سمير فرج
|
7 سبتمبر 2023
|
منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، قبل خمسة عشر شهراً، طلب الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، الحصول على طائرات حربية متقدمة، خاصة الطائرات المقاتلة، الأمريكية الصنع، من طراز إف 16، للتغلب على التفوق الجوى الروسى فوق سماء منطقة العمليات، لكن الرئيس الأمريكى، جو بايدن، لم يستجب خشية استخدامها لضرب أهداف فى عمق روسيا، مما قد يدفع الكرملين إلى تصعيد الصراع باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية.
إلا أن الموقف تغير، فجأة، بإعلان الرئيس الأمريكى بالسماح بتدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادة المقاتلات «إف 16»، مع توجه جديد نحو السماح لدول أخرى، من أعضاء حلف الناتو، بتوفير المقاتلات لأوكرانيا. ويرجع التحول فى الموقف الأمريكى إلى فشل الجيش الأوكرانى فى هجوم الربيع ضد القوات الروسية التى تسيطر، حالياً،على 20% من أراضيه، والذى يعود لسيطرة الروس على سماء منطقة القتال فوق أوكرانيا، من ناحية. ومن ناحية أخرى لتوجيه رسالة للكرملين بأن الغرب مازال موحداً، ومصراً على مواجهة روسيا فى أوكرانيا، مهما يطل أمد الحرب.
وطبقاً لتقارير وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، فإن الطائرة المقاتلة إف 16، احتلت المرتبة الثامنة على قائمة أولويات أوكرانيا، وفضل مسئولو البنتاجون الأمريكى التركيز، فى البداية، على القدرات ذات الأولوية القصوى لأوكرانيا، مثل الدفاع الجوى، والمدفعية، والمدرعات، إلا أن كل ذلك تغير، خلال الأيام القليلة الماضية، بعد تصاعد مطالبات وتحليلات فى الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية، بأهمية إرسال طائرات إف 16 إلى أوكرانيا بهدف تحسين قدراتها العسكرية فى مواجهة روسيا، خاصة بعد فشل هجوم الربيع المضاد.
تعد الطائرة المقاتلة متعددة المهام خفيفة الوزن، وفعالة من حيث التكلفة، إذ يتراوح سعر الواحدة منها بين 63 إلى 80 مليون دولار، حسب الطراز، وتبلغ سرعتها ضعف سرعة الصوت (2ماخ)، أى 1500 ميل فى الساعة، ويصل مداها إلى 2002 ميل، وتستخدمها الجيوش، فى 25 دولة، فى القتال الجوى، والهجوم البرى، والحرب الإلكترونية. تتميز المقاتلة إف 16 بقدرة عالية على المناورة، تفوق مثيلاتها من فئتها المقاتلة، كما يمكنها تحديد الأهداف فى جميع الظروف الجوية، واكتشاف الطائرات التى تحلق على ارتفاع منخفض. وفى الهجمات البرية، يمكنها الطيران لأكثر من 500 ميل، وتوجيه الأسلحة والقذائف بدقة فائقة، بالتزامن مع قدرتها على الدفاع عن نفسها ضد طائرات العدو، والعودة إلى نقطة البداية.
ويعتقد بعض المحللين، فى أوروبا والولايات المتحدة، أن المقاتلات إف 16 قادرة على ردع القوات الجوية الروسية، المتفوقة بشكل كبير، وقد تمنعها من مهاجمة أوكرانيا فى المستقبل، وهو ما عبر عنه عضو مجلس الأمن القومى الأمريكى السابق، وسفير الولايات المتحدة السابق لدى الناتو، الفريق المتقاعد دوج لوت، بقوله إن طائرات إف 16، يمكن أن توفر دعماً جوياً وثيقاً للقوات البرية الأوكرانية، وهو ما يعد أمراً حاكماً فى الهجوم المرتقب أن تشنه أوكرانيا فى العام الحالى أو فى العام المقبل.
وعلى الطرف الآخر، صرح وزير الدفاع الروسى، سيرجى شويجو، بأن دخول المقاتلات الأمريكية المتطورة لن يغير موازين القتال، خاصة أن استخدام هذه الطائرة فى ميادين القتال لن يتم قبل أربعة أشهر، على أحسن تقدير، بعد تدريب الطيارين الأوكرانيين على استخدامها، فضلاً عن محدودية أعداد المقاتلات، والذى لن يتعدى 60 طائرة، من المتوقع أن تتسلمها أوكرانيا من بعض دول حلف الناتو، بعد تعهد الولايات المتحدة الأمريكية، بتعويض تلك الدول بالمقاتلات الأحدث منها، من طراز إف 35، مؤكداً استمرار التفوق العددى للطائرات المقاتلة الروسية، فوق سماء ميادين القتال فى أوكرانيا، بالإضافة إلى التفوق النوعى المتمثل فى استخدام المقاتلات الروسية المتطورة من طراز سوخوى 35، بواسطة طيارين روس، تم تدريبهم عليها لسنوات طويلة، بما يضمن كفاءتهم القتالية على نظرائهم بالجيش الأوكراني.
وهو الرأى الذى يؤيده الكثير من المحللين العسكريين، بأن انضمام المقاتلات الأمريكية إف 16، لن يغير الكثير فى موازين القتال فى هذه الحرب، ولن يحقق للقوات الأوكرانية المقاتلة نجاحاً كبيراً بالقوات النيرانية، فى هجومها ضد الدفاعات الروسية، خاصة أن قوات الدفاع الجوى الروسى، تعتبر من أكفأ قوات الدفاع الجوى فى العالم، والتى يميزها نظام الصواريخ S400. بل ويرى بعض الخبراء، أن تغيير تنظيم السلاح الجوى الأوكرانى، المعتمد على الطائرات السوفيتية الصنع، والتحول لاستخدام الطائرات الغربية،قد يزيد من استفزاز روسيا، وهو ما سيطيل من أمد هذه الحرب.
وعقب قرار سابق اتخذته الإدارة الأمريكية الحالية، بتوفير ذخائر عنقودية لأوكرانيا، على الرغم من المخاوف بشأن المخاطر التى يمكن أن تشكلها هذه الأسلحة على المدنيين، وبعدما كانت بريطانيا قد زودت أوكرانيا بذخائر اليورانيوم المنضب، قبل عدة شهور، والتى تستخدمها أوكرانيا، حالياً، بالدبابات تشالنجر البريطانية، فقد قررت الولايات المتحدة الأمريكية، فى الأسبوع الحالى، تزويد أوكرانيا بذخائر اليورانيوم المنضب، لاستخدامها من خلال الدبابات الأمريكية M1A1، ضمن صفقة جديدة بمقدار 275 مليون دولار، كجزء من حزمة مساعدات عسكرية جديدة من المقرر الإعلان عنها قريباً.
وهكذا نتابع استمرار الدعم الأمريكى، والناتو،لأوكرانيا، ضمن حلقات الضغط على روسيا، بعد فشل أوكرانيا فى تنفيذ هجومها المضاد فى الربيع، وسط تساؤلات عما إن كان ذلك الدعم سيمكن أوكرانيا من صد الهجوم الروسى، ووسط آمال شعوب العالم فى أن يحل السلام مع نهاية العام.
Email: sfarag.media@outlook.com
|