العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
إلا أن حسم قرار الرئيس السيسى، الذى أيدته الإدارة الأمريكية، قضى على محاولات نيتانياهو.
|
قطعة جمر فى يد الرئيس السيسى
لواء د. سمير فرج
|
9 نوفمبر 2023
|
على مدى 20 شهرا، بعد اندلاع أحداث 25 يناير، التى تولى خلالها المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمور البلاد، برئاسة السيد المشير محمد حسين طنطاوى، رحمة الله عليه، تلك الفترة التى مثلت أصعب فترات مصر، فى التاريخ الحديث، إذ كان من الممكن أن تقضى على مستقبل الاستقرار فى مصر، سمعت خلال تلك الفترة المشير طنطاوى يردد عبارة أنا ماسك فى إيدى جمرة نار... الدنيا مولعة، وأنا خايف على مصر.
تذكرت تلك الكلمات وأنا أتابع ما يدور فى المنطقة والعالم العربى، وشعرت وكأن الرئيس السيسى يحمل فى يده جمرة النار، مرة أخرى، وخوفه على أمن مصر واستقرارها، بعدما اشتد وطيس الصراع فى منطقة الشرق الأوسط،وتحولت إلى منطقة توتر ونزاع وحرب، قد تمتد آثارها، الوخيمة، إلى كل الأطراف.
كانت البداية يوم أن استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى وزير الخارجية الأمريكى،أنتونى بلينكن، فى زيارته السابقة لمصر،فعادة ما تكون مثل تلك اللقاءات مغلقة، وقد يعقبها فى بعض الأحيان مؤتمر صحفى، يتم خلاله إعلان الخطوط العريضة لما جرى فى أثناء اللقاء، إلا أنه، ولأول مرة، يذاع اللقاء، على الهواء مباشرة ، فى سابقة تعد الأولى من نوعها، فكان جليا أن السيد الرئيس قصد إعلام الداخل والخارج، بوضوح موقف مصر تجاه القضايا الراهنة، وقرار مصر بشأنها.
فشهدنا رد الرئيس السيسى على طلب وزير الخارجية الأمريكى بفتح معبر رفح لمرور عدد من المواطنين الأمريكيين من غزة إلى مصر، وكيف رفض سيادته أن يقتصر فتح المعبر لأغراض مرور الأمريكيين، فقط، بينما يبقى أكثر من مليونى فلسطينى، محاصرين فى غزة، وقد قطعت عنهم قوات الاحتلال الطعام والمياه والمستلزمات الطبية والدوائية، وكل سبل الحياة. وتابعنا رد الرئيس بأن مصر لن تفتح المعبر، إلا بعد إدخال المعونات الإنسانية إلى أهالى غزة المحاصرين فيها، وبموافقة وزير الخارجية الأمريكى على قرار السيد الرئيس، ثبُت للجميع أن مصر لا يملى عليها قراراتها، من أى جهة، مهما كان ترتيبها فى موازين القوة.
وكغيرى من أبناء الشعب المصرى، شعرت بالفخر والعزة من موقف مصر ضد رغبة الولايات المتحدة، من أجل مصلحة الشعب الفلسطينى، وبلغت شعبية الرئيس السيسى ذروتها بين أفراد الشعب المصرى، تقديرا لموقفه الواضح، الذى عبر عن الإرادة الشعبية، فى هذه اللحظات العصيبة، والذى أكد أن قرار مصر نابع من دورها الوطنى ومكانتها العربية.
وبالفعل تم التنسيق لفتح معبر رفح لمرور قوافل الإغاثة الإنسانية، بحضور السكرتير العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو جوتيريش، لمتابعة مرور الشاحنات إلى غزة، إلا أن إسرائيل تعنتت فى الأمر، مما أثار استياء الكثير من الشعوب، وتسبب فى إحراج قادة العالم، لعدم مبالاة إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة، بل ومطالبتها باستقالة السكرتير العام، بعدما صرح بأن المقاومة الفلسطينية، لم تأت من فراغ. ورغم ذلك لم يتراجع الرئيس السيسى عن موقفه، وأصر على عبور شاحنات الإغاثة الإنسانية، أولا إلى الشعب الفلسطينى فى غزة.
أما ثانى قرارات السيد الرئيس، فكان رفضه التهجير القسرى لسكان غزة إلى مصر، وكان الرئيس حاسما فى رفضه، موضحاً ما فى تلك المحاولة من إضرار بالغ بالقضية الفلسطينية، وتفريغ لها من مضمونها، مكررا لوزير الخارجية الأمريكى، أن رفضه يعبر عن رغبة الشعب المصرى. وبناءً عليه، غرد وزير الخارجية الأمريكى، على صفحته الرسمية على منصة تويتر أو إكس، أن أمريكا لا توافق على عملية النقل القسرى لسكان غزة إلى مصر، ليكون ذلك الانتصار الثانى للرئيس السيسى أمام القرارات الغربية، التى تضر بالمصالح الوطنية، والعربية.
فرغم سعى رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نيتانياهو، منذ بدء الأحداث، لاستمالة رؤساء أمريكا وأوروبا لدعم وتعزيز محاولاته لعملية النقل القسرى، لسكان غزة إلى مصر، إلا أن حسم قرار الرئيس السيسى، الذى أيدته الإدارة الأمريكية، قضى على محاولات نيتانياهو، وأصابه بالإحباط. وفى ذات السياق، فقد أكد الرئيس السيسى، خلال مقابلته مع وزير الخارجية الأمريكى، أن حل القضية الفلسطينية، لابد أن يقوم على أساس حل الدولتين، إحداهما فلسطينية والأخرى إسرائيلية، بناءً على حدود 4 يونيو 67، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وهو القرار الذى أيدته الإدارة الأمريكية، كما اتضح من تصريحات الرئيس الأمريكى جو بايدن، لاحقا، ليصاب نيتانياهو بخيبة الأمل من تنفيذ مخططه بإجلاء جميع الفلسطينيين، عله يستعيد ولو القدر الضئيل من شعبيته التى فقدها، تماما، وسط مؤيديه.
وأمام تلك الأحداث المتلاحقة، التى مازلنا نشهد تصاعدها، رغم مرور أكثر من شهر على اندلاعها، شعرت بأن الرئيس السيسى يحمل بين يديه جمر النار، بينما يتخذ قراراته بحسم، ووضوح، واضعا نصب عينيه صالح مصر وأمنها القومى، كهدف أساسى لا يقبل المساومة، دون التفريط فى حق الشعب الفلسطينى فى حل عادل لقضيته، ليؤكد، مرة جديدة، مكانة مصر، كحجر زاوية المنطقة، وقلب العروبة النابض، والشقيقة الكبرى، دون مبالغة، أو تحيز، التى كان، ولا يزال،قدرها، دوما، أن تحمل كل مشاكل الأمة العربية، التى تستمد حلها من موقف مصر الثابت، رغم مزايدات البعض.
فدعوت المولى عز وجل أن يعين السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويعين شعب مصر العظيم، حتى تجاوز تلك المرحلة المضطربة، وتبقى مصر، دائماً،الحصن الأمين للأمة العربية.
Email: sfarag.media@outlook.com
|