العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
فإن ما يشعر به أبناء غزة الآن، خصوصًا من الأجيال الجديدة، سوف يحول كلًّا منهم إلى فرد يكره إسرائيل.
|
حركة حماس.. إلى أين؟
لواء د. سمير فرج
|
2 ديسمبر 2023
|
حركة حماس أو كما يطلق عليها (حركة المقاومة الإسلامية)، هي حركة إسلامية سياسية سنية فلسطينية، أعلنت أن هدفها مقاومة الاحتلال الصهيونى، وترتبط فكريًّا بجماعة الإخوان المسلمين. ولكنها أعلنت فك ارتباطها التنظيمى بالجماعة عام 2017، وتحولت إلى تنظيم فلسطينى مستقل، ولكنها مازالت تتبع فكر جماعة الإخوان المسلمين، وتتلقى حركة حماس تمويلًا ودعمًا عسكريًّا من إيران، على أساس أن إيران ترى أن العدو الرئيسى لها هو إسرائيل، حيث ترى إيران أن أحد أهدافها هو تحرير فلسطين، وتُعتبر حماس هي أكبر الفصائل الفلسطينية تمثيلًا في المجلس التشريعى الفلسطينى طبقًا لآخر انتخابات تشريعية في فلسطين عام 2006، وتعلن حركة حماس أنها تهدف إلى تحرير الشعب الفلسطينى من الاحتلال الإسرائيلى وتحرير الأرض والمقدسات الإسلامية وعودة اللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة (طبقًا لما أعلنته على صفحتها الرسمية).
ولقد تأسست الحركة في 10 ديسمبر 1987، وكان مؤسسها الشيخ أحمد ياسين ومعه عبدالعزيز الرنتيسى ومحمود الزهار، ورئيسها الآن يحيى السنوار، ويبلغ عدد أعضائها 20 ألفًا، وتُعتبر أيديولوجيتها الإسلام السياسى، وهى من أهل السنة، ومازالت عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين حتى الآن، لكنها خارج تنظيماتها السياسية. ترى حركة حماس أن الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس، وتعتمد في نظامها على الشورى. وتقول حركة حماس إنها تحصر هدفها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلى فقط، وليست لها أي معركة مع أي طرف آخر في العالم، (طبقًا لما أعلنته على صفحتها الرسمية).
وهناك العديد من الدول التي تصنف حماس على أنها منظمة إرهابية، منها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وبريطانيا واليابان وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وإسرائيل ومنظمة الدول الأمريكية. وترى حماس أن الاتفاقات، التي تسعى إلى التسوية السياسية، التي توافق عليها السلطة الفلسطينية في رام الله، لا تلبى طموحات الشعب الفلسطينى، ولا تستجيب للحد الأدنى من تطلعاته، كما ترى أنها اتفاقات غير عادلة، حيث ترى أن هذه التسوية السياسية يترتب عليها التسليم للاحتلال بحق الوجود في معظم الأراضى الفلسطينية، وتضفى الشرعية على هذا الاحتلال، وبذلك تحرم الملايين من الشعب الفلسطينى من حق العودة وتقرير المصير، وبناء الدولة الفلسطينية الكاملة على كل أراضى فلسطين، وحماس لا تقبل بها، لذلك ظهر هذا الاختلاف الواضح بين السلطة في رام الله وقيادة حماس، وبالنسبة للعمل العسكرى، فإن ذراعها الأساسية العسكرية هي كتائب عزالدين القسام، التي تأسست في 14 يناير 1987، وأسسها الشيخ أحمد ياسين، ومن قادتها إسماعيل هنية وخالد مشعل ويحيى السنوار وصالح العارورى وموسى أبومرزوق ومروان المحيسى وأبوعبيدة، وتعتبر كتائب عزالدين القسام أن أهم حلفائها، الذين تعتمد عليهم في الإمداد بالأسلحة والتدريب، هي إيران وروسيا وكوريا الشمالية. ومن القوى العسكرية الأخرى التي تنسق حماس معها حركة الجهاد الإسلامى في فلسطين وحزب الله والحوثيون في اليمن.
وبالنسبة لموقف حركة حماس من الخيارات السياسية، فهى ترى أن أي خيار للتسوية السياسية للقضية الفلسطينية التي تتبعها السلطة الفلسطينية حاليًا هو خيار عبثى يعمل على تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، وأهمها حق العودة، ومن هنا ترفض حماس التنسيق الأمنى مع أجهزة السلطة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية، والذى انتهجته السلطة الفلسطينية منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 93، كذلك تعارض حركة حماس حملة الاعتقالات التي شنتها السلطة الفلسطينية ضد أعضاء الحركة، وقد توطدت علاقات حركة حماس مع دولة قطر بعد فوز الحركة في انتخابات 2006. وكانت زيادة العلاقات قد تمت بعد دعوة إحدى الدول العربية لخالد مشعل لحضور قمة الدوحة أو قمة غزة الطارئة أثناء الحرب الإسرائيلية الأولى مع غزة عام 2011، وقررت حركة حماس الخروج من سوريا عام 2011، وانتقلت إلى إحدى الدول العربية، التي وافقت على استقبالهم وفتح مكاتب لهم، وقدمت دعمًا ماليًّا لهم.
ومن هنا أعلنت بعدها تلك الدولة قرارًا بأنها مسؤولة عن دفع رواتب الموظفين الحكوميين في حماس، اعتبارًا من شهر يوليو 2016، حيث تقوم شهريًّا بإرسال 20 مليون دولار نقدًا، تحملها طائرة خاصة، كل شهر، ويتسلمها مندوبها في إسرائيل، حيث تتحرك تحت حراسة إسرائيلية إلى حماس في غزة. وعندما قامت حماس مؤخرًا بالهجوم على إسرائيل، يوم 7 أكتوبر الماضى، كانت المفاجأة للجميع أن تحقق هذا النجاح العسكرى الباهر بسبب المفاجأة التي لم تتوقعها إسرائيل وببساطة الخطة الهجومية وباستخدام أساليب جديدة مثل الطائرات الشراعية لتتخطى الحائط، الذي أقامته إسرائيل على خط الحدود، ولقد استغلت الدعاية الإسرائيلية الأحداث الأولى من الحرب، حيث شوهت صورة حماس في تعامل الحركة مع الإسرائيليين، ولكن بعد الدمار الذي استخدمته إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى في غزة، حدث تعاطف كبير هذه الأيام، من جانب كل هذه الدول في معظم أنحاء العالم، واستنكر الجميع الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى، خصوصًا من النساء والأطفال، وعمّت المظاهرات كل دول العالم تندد بما فعلته إسرائيل تجاه الشعب الفلسطينى، واليوم نتساءل حول قرار إسرائيل بأن الهدف الأول من استمرار هذه الحرب في غزة هو القضاء على حماس وإزالتها من الوجود.
فإننا نقول إن أحداث هذه الحرب حاليًا قد حولت كل شباب غزة إلى حماس جديدة، وليس بالضبط ينتمون إلى حماس نفسها، فإن ما يشعر به أبناء غزة الآن، خصوصًا من الأجيال الجديدة، سوف يحول كلًّا منهم إلى فرد يكره إسرائيل، وسيظل طول عمره يتذكر هذه الأحداث الأليمة من قسوة الحرب والمذلة والمهانة التي يعيشها شعب غزة الآن، واليوم، ونحن ننظر إلى المستقبل، بعد أن تنتهى هذه الحرب، وغالبًا سوف تعود السلطة الفلسطينية مرة أخرى لكى تسيطر على قطاع غزة، فإنها سوف تواجَه بأن شعب غزة- الاثنين مليون وأكثر- سوف يكون أشد شراسة تجاه ما فعلته إسرائيل بهم.
لذلك نقول إنه لو تم القضاء على حركة حماس، فإن هناك الآلاف من الشباب الفلسطينى الجديد سوف يكون في قلوبهم جزء من حماس الجديدة، التي ترى في إسرائيل عدوها الرئيسى، ولم ينسَ أي منهم صور الانتقام الإسرائيلى من شعب غزة، لذلك أعتقد أن إسرائيل قد خلقت من هذه الحرب «حماس جديدة»، لأنها خلقت مجموعات جديدة من شباب فلسطين في غزة بالذات، تكره إسرائيل، ولم تنسَ ما فعلته بهم، وبذلك فإن حماس الجديدة ستكون تحت اسم جديد داخل قلوب كل شباب غزة في الأيام القادمة.
Email: sfarag.media@outlook.com
|