العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
وقد صنفت الأوساط الدبلوماسية ذلك الهجوم، على مبنى القنصلية فى دمشق، أنه بمثابة هجوم على أراض إيرانية.
|
معركة رد الكرامة... الهجوم الإيرانى على إسرائيل
لواء د. سمير فرج
|
18 إبريل 2024
|
وصلت الحرب، بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية، حماس، إلى شهرها السابع، تمكنت خلالها قوات الاحتلال الإسرائيلية من اقتحام شمال ووسط غزة، وأجبرت الأهالى على النزوح جنوباً، باتجاه رفح، التى يحتشد فيها، اليوم، مليون ونصف المليون مواطن فلسطيني، على مساحة لا تتجاوز 8 كيلومتر مربع.
ولم تكتف إسرائيل بذلك، بل مدت هجومها، فى الأول من أبريل الحالي، لمبنى القنصلية الإيرانية، بالعاصمة السورية، دمشق، بواسطة طائرة F35، مستخدمة ستة صواريخ أسفرت عن مقتل 16 فردا، منهم سبعة إيرانيين، بينهم العميد محمد رضا زاهدي، المنسق الأول المسئول عن فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى والمسئول عن أعمال الحرس الثورى فى لبنان وسوريا، ومعه نائبه العميد محمد هادى رحيمي، والعميد مهدى جلالتي، وأربعة ضباط إيرانيين، لتزداد الأوضاع توترا فى الشرق الأوسط، لتبلغ حد الغليان.
وقد صنفت الأوساط الدبلوماسية ذلك الهجوم، على مبنى القنصلية فى دمشق، أنه بمثابة هجوم على أراض إيرانية، إعمالاً لاتفاقية فيينا لعام 1961، التى أقرت فى المواد 22 و24 على حرمة البعثات الدبلوماسية خارج أرض الوطن. ولقد أثار ذلك الحدث غضبا فى الشارع الإيراني، خاصة أنه جاء بعد سنوات من حادث مقتل قاسم سليماني، قائد قوات فيلق القدس للحرس الثورى الإيرانى فى 3 يناير 2020، ومعه تسعة آخرون، فى غارة جوية أمريكية استهدفت سيارتهم خارج مطار بغداد الدولي.
كان اغتيال قاسم سليماني، قد تم، آنذاك، تنفيذا لأوامر الرئيس الأمريكى السابق، ترامب، مما أثار ردود فعل واسعة فى إيران، لما كان لسليمانى من شعبية جارفة بين صفوف الشارع الإيراني، فلا تكاد مدينة إيرانية تخلو من وضع اسم قاسم سليمانى على أحد شوارعها،أو ميادينها،أو مدارسها، أو معالمها الحيوية. وعليه فقد قامت إيران، حينئذ، بتوجيه ضربة صاروخية ضد قاعدة عين الأسد الأمريكية، فى غرب العراق، ورغم أن الرشقات الصاروخية الإيرانية، لم تتجاوز أسوار القاعدة، فقط، غير مُخلفة أى إصابات، إلا أنها لاقت احتفاء الشعب الإيراني، لمجرد قصف القاعدة الأمريكية بصواريخ إيرانية.
وبعد مرور سنوات على اغتيال سليماني، أعلن الرئيس السابق، ترامب، منذ عدة شهور، خلال إحدى جولاته ضمن الحملة الانتخابية الجارية، أن استهداف إيران لقاعدة عين الأسد، تم بالتنسيق مع الإدارة الإيرانية، التى أبلغته بعزمها قصف القاعدة من ناحية الأسوار، فقط، وتعهدها بعدم خدش أى جندى أمريكي، كما أبلغته بأن هذا العمل لا يتخطى كونه إجراءً لتهدئة الرأى العام الإيراني! وقد كانت تلك التصريحات بمثابة لطمة شديدة على وجه الشعب الإيراني.
ولما نفذت إسرائيل هجومها على القنصلية الإيرانية بسوريا، الذى راح ضحيته سبعة ضباط إيرانيين، انتفض الشعب الإيراني، مجدداً، مطالباً إدارته بالثأر من إسرائيل، مما دفع القيادة الإيرانية لتوعد إسرائيل برد قاس، على الهواء مباشرة، وقامت، بالفعل، فى يوم 13 أبريل، بشن هجوم، استمر 5 ساعات، تم خلاله إطلاق نحو 185 طائرة مسيرة، و110 صواريخ إيرانية أرض ـ أرض، و36 صاروخ كروز، باتجاه إسرائيل.
وقبل ساعات، قليلة، من تنفيذ الهجوم، وفى أحد البرامج الإخبارية، على التليفزيون المصري، كان رأيى أن هذه العملية معروفة مسبقاً لأمريكا، من خلال دولة وسيطة بين أمريكا وإيران، التى تولت إبلاغ أمريكا،بأن إيران ستنفذ عمليتها فى اليوم المحدد، وفى الساعة المحددة، وأن كل المسيرات والصواريخ ستوجه لأماكن خالية من السكان، وبالطبع، فقد تولت أمريكا إبلاغ إسرائيل، وعدد من دول المنطقة، بتفاصيل العملية الهجومية، والتى تجيء، مرة أخري، فى إطار محاولات تهدئة الشعب الإيراني، ورد كرامته، بعد الغارة الإسرائيلية، التى قتل فيها سبعة من قادة الحرس الثورى إيراني.
وبدورها أكدت أمريكا على إسرائيل ضرورة تقبل تلك الضربة، وأعلنت أنها ستساعدها فى صد تلك الهجمات من خلال القواعد الأمريكية فى كل من العراق وسوريا، ومن خلال المدمرات الأمريكية، التابعة للأسطول السادس فى البحر المتوسط، مع التشديد على عدم قيام إسرائيل بأى ضربات انتقامية ضد إيران بعدها. وبالفعل نجحت الولايات المتحدة فى إجبار إسرائيل على تلقى الضربة الإيرانية الأولي، التى تم خلالها تدمير 99% من الطائرات المسيرة الإيرانية، قبل وصولها لإسرائيل، بمعرفة القواعد الأمريكية، والقوات البريطانية،والفرنسية، وأخيراً القوات الإسرائيلية.
ولم تسفر العملية الإيرانية، إلا عما أظنه قد تم الاتفاق عليه مسبقاً، من إصابة إحدى القواعد الإسرائيلية، فى صحراء النقب، والتى كبدت إسرائيل مليارا وثلاثمائة مليون دولار، تكلفة الصواريخ المضادة، التى أطلقتها ضد المسيرات والصواريخ الإيرانية، وأصيبت خلالها فتاة إسرائيلية واحدة. وهكذا مرت العملية الإيرانية بسلام، وسط احتفال الشعب، فى كل المدن الإيرانية، وهو يتابع إقلاع طائراته وصواريخه، وتحليقها فوق الأردن والعراق، لمهاجمة إسرائيل.
وبعد 5 ساعات انتهت المسرحية، ونجحت أمريكا فى عدم تحول المنطقة إلى حرب إقليمية، لنعود بعدها للتفكير، مرة أخري، فيما سيجرى فى غزة، فى الفترة القادمة، خاصة بعد رفض حماس المقترحات الأمريكية، التى قُدمت فى الأسبوع الماضي. وفى رأيى أن المستفيد الأوحد، من مسرحية رد الكرامة، هو رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذى جاءته تلك العملية كقبلة الحياة، خاصة بعدما ساءت العلاقات بينه وبين الرئيس الأمريكي، جو بايدن، فى الأسابيع الماضية، بسبب إصراره على اجتياح رفح، رغم مغبات تلك العملية.
وهكذا انتهت هذه التمثيلية، ونعود للتركيز فى الكارثة التى تعانيها غزة.
Email: sfarag.media@outlook.com
|