العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وقد يتعجب البعض كيف تفعل إسرائيل ذلك، بتدعيم سلطة حماس فى غزة.

هل يرحل قادة حماس من قطر؟
 

لواء د. سمير فرج

 4 مايو 2024


خلال السنوات الماضية، احتضنت دولة قطر قادة حماس فى الدوحة، وأصبحت تتبنى الدوحة حركة حماس، سواء بوجود قادتها وأسرهم فى الدوحة، أو قيادة الحركة نفسها فى قطاع غزة، حيث تردد أن قطر كانت ترسل شهريا مبلغ 30 مليون دولار إلى قيادة حماس فى غزة للصرف على القطاع.

وكانت إسرائيل تشجع تلك العملية تحت شعار فرق تسد، فلقد كانت قطر ترسل هذه الأموال شهريا إلى غزة عن طريق طائرة قطرية تهبط فى مطار بن جوريون فى تل أبيب، وهناك يتسلمها المندوب القطرى فى تل أبيب، وتتحرك الأموال بعربة تحرسها مدرعات الجيش الإسرائيلى حتى تصل إلى غزة وتتسلمها قيادة حماس.

وقد يتعجب البعض كيف تفعل إسرائيل ذلك، بتدعيم سلطة حماس فى غزة والإجابة ببساطة أن قيادات حماس فى غزة لم تكن على وفاق مع السلطة الفلسطينية فى رام الله. حيث إن القيادة فى رام الله وافقت على اتفاقية أوسلو، التى اعترفت بإسرائيل وحقها فى الوجود، بينما يرفض ذلك قيادات حماس فى غزة، لذلك عملت إسرائيل على زيادة الانشقاق بين السلطة الفلسطينية فى رام الله فى الضفة الغربية، وبين قيادات حماس فى غزة.

ولقد حاولت مصر مرارا وتكرارا فى السنوات الماضية، الإصلاح بين قيادات حماس فى غزة وقيادات السلطة الفلسطينية فى رام الله، بإحداث تقارب بين القيادتين، ولكن كان كل طرف يتمسك بفكره ورأيه، بينما إسرائيل سعيدة، وتذكى هذا الاختلاف وهذا التباعد، وبالطبع زاد ذلك من المشكلة الفلسطينية، فلقد كان الغرب يتساءل دائما عندما نريد أن نحل القضية الفلسطينية، مع من نتكلم؟، هل نتكلم مع السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية، باعتبارها الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى أم مع القيادات فى حماس المختلفة تماما مع السلطة فى رام الله.

وكلما زاد هذا التباعد كانت سعادة إسرائيل أكثر وأكثر، حيث بدأت المعارك الكلامية بين الطرفين، حيث يتهم كل طرف بأنه يعيش فى حياة رغدة فى قطر بينما الفقراء من الفلسطينيين فى المخيمات التى تعيش حياة غاية فى البؤس. واستمر الحال حتى بدأت حرب غزة فى 7 أكتوبر 2023، وهنا لم تتعاطف القيادة الفلسطينية فى رام الله مع حركة حماس، بل اتهمت حركة حماس بأنها قامت بشن تلك الحرب دون التشاور معها أو حتى مجرد التنسيق، لذلك دخلت حركة حماس هذه الحرب وحيدة، دون دعم جدى وقوى من القيادة الفلسطينية فى رام الله. وهنا أعلنت إسرائيل أن حماس أصبحت العدو الرئيسى لها، التى هاجمت إسرائيل واقتحمت المستعمرات وضربت بصواريخها مطار بن جوريون ومعظم المدن فى إسرائيل وأخذت الرهائن، وأصبحت حماس مرة أخرى العدو الذى يجب أن تقاتله إسرائيل. وعندما بدأت المباحثات لوقف إطلاق النار بين حماس فى غزة وإسرائيل بوساطة مصرية قطرية ورعاية أمريكية، وهنا بدأت حماس تتمسك برأيها فى المفاوضات، ورفضت التنازل عن نقاط كثيرة فى المفاوضات، وظهر ذلك بعد اجتماع باريس الثانى، والذى تقدمت فيه الولايات المتحدة لأول مرة باقتراحات بعد أن تخلت عن حيادها، وجاء وليام بيرنز مدير الاستخبارات الأمريكية CIA بنفسه للقاهرة لعرض المقترح الأمريكى بوقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع فى مقابل الإفراج عن 40 رهينة إسرائيلية لدى حماس. وللجانب الآخر إطلاق سراح 900 مسجون فلسطينى من السجون الإسرائيلية، منهم 100 مسجون، محكوم عليهم بالحكم المؤبد، على أن تختار حماس بنفسها أسماء المفرج عنهم، وهذا أمر كانت إسرائيل ترفضه من قبل، حيث لها حجة أن السنوار قائد حماس فى غزة، كان محبوسا من قبل فى السجون الإسرائيلية، وتم الإفراج عنه ليعود إلى غزة لكى يصبح العدو الأول لإسرائيل. وهنا رفضت حماس المقترح الأمريكى، وطلبت أن يكون وقف إطلاق النار دائما، وليس لعدة أسابيع، ولقد كان تمسك حماس بالرفض لأنها تعلم جيدا أن نتنياهو يتعرض لضغوط كبيرة من أسر الرهائن الإسرائيلية فى تل أبيب، وأنه يتعرض يوميا للمظاهرات التى تضغط عليه للموافقة على إطلاق سراحهم من قبل رجال حماس وهنا ظهر استياء الإدارة الأمريكية التى بدأت تطلب من قطر أن تضغط على قادة حماس الموجودين فى قطر للضغط على السنوار ورجاله لقبول العرض الأمريكى لإيقاف إطلاق النار.

وأمام ذلك الطلب الأمريكى حدث استياء من قطر وأعلنت أنها تبذل كل ما لديها للموافقة على مقترحات السلام، وأخيرا، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بطلب من قادة حماس فى الدوحة، وعلى رأسهم إسماعيل هنية، أن يتم التفكير فى مغادرة الدوحة هم وعائلاتهم إلى خارج قطر، وجاء تفكير رجال حماس فى قطر فى الذهاب إلى تركيا، خاصة أن تركيا كانت فى معظم الأحيان تؤيد القضية الفلسطينية، كما أن الرئيس التركى قد وجدها فرصة لكى يتقرب إلى الولايات المتحدة، بأن يكون أحد الأطراف المفاوضة بين إسرائيل وحماس، وهو دور تبحث عنه تركيا دائما فى عهد الرئيس أردوغان، أن تكون وسيطا لحل المشاكل العالمية، وكان آخرها مشكلة مرور القمح بين روسيا وأوكرانيا إلى باقى دول العالم؟ كما أن أردوغان حاول الاعتراض على عمليات إسرائيل فى غزة فى سبيل التقارب مع الدول العربية والإسلامية، لكن إسرائيل تعرف أن أردوغان من السهل أن يغير رأيه سريعا.

لذلك ذهب إسماعيل هنية فى زيارة سريعة إلى تركيا لكى يبحث مع الأتراك، الإجراءات الممكن اتخاذها لنقل قادة حماس وعائلاتهم إلى تركيا للعيش فى أنقرة وما يترتب على ذلك من أماكن الإقامة ومعيشة العائلات من حيث مدارسهم والخدمات. التى تقدم لهم، كذلك، بحث القيود التى سوف تضعها السلطات التركية للقادمين من قطر وخاصة أساليب تنقلاتهم وتعاملهم مع المنصات الإعلامية المختلفة وكلها أمور لا تريد تركيا أن تقع فيها مستقبلا مع عناصر حماس.

وأعتقد أن قادة حماس قد يقبلون النقل إلى تركيا مؤقتا رغم أنهم يعلمون تماما أن أردوغان من السهل أن يأمر بين ليلة وأخرى بخروجهم فورا من تركيا، كما أن تركيا قد عرضت فى السابق قيام حركة حماس بأن تتحول إلى حزب مدنى، وأن تتخلى عن فكرة القتال. لذلك أعتقد أن قرار النقل إلى تركيا سوف يكون صعبا، خاصة أن هناك مقترحا آخر لنقلهم للعيش فى اليمن، التى سوف تشكل عبئا على الحياة هناك، خاصة للعائلات الفلسطينية. التى تريد بلدا مستقرا حيث إن الأحوال فى اليمن تتصارع فيها قوة الحوثيين مع الدولة اليمنية.

وفجأة أعلن ماجد الأنصارى، المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية فى مؤتمر صحفى، تعليقا على تلك الأنباء أن وجود قادة حماس فى الدوحة هو مفيد وإيجابى لجهود الوساطة بين الطرفين، وأضاف أنه طالما أن مكتب حماس موجود فى قطر فإنه سوف يؤدى هذا الدور، بمعنى أن جهود الوساطة ما زالت موجودة، وانتقد تصريحات مسؤولين إسرائيليين بشأن قطر. وأنها كانت أحد الأسباب التى دفعت الدوحة لإعادة النظر فى دورها كوسيط. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية هى من أكدت أن حركة حماس تواصلت مع دولتين على الأقل فى المنطقة بشأن انتقال عناصرها.

وهكذا سننتظر فى الأيام القادمة من سوف تختار القيادة الحمساوية فى قطر أن تنتقل إليه وتبتعد عن قطر وتبتعد عن الضغط الذى تمارسه عليها الولايات المتحدة لحل المشكلة بين حماس وإسرائيل. وهى من القرارات الصعبة التى ستواجه حماس فى الأيام القادمة، ورغم أن هناك البعض من قادة حماس قد أعلنوا عدم صحة نقلهم من قطر إلا أن كل الشواهد والمعلومات التى صدرت تؤكد أن هناك تفكيرا جديا من قادة حماس لمغادرة قطر



Email: sfarag.media@outlook.com