العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
وقد نشرت شبكة سى إن ان تقريرًا يشير إلى أن روسيا فى طريقها لإنتاج ذخائر مدفعية ثلاثة أضعاف ما تنتجه الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعة.
|
روسيا تستعد لصيف ساخن فى الحرب الأوكرانية
لواء د. سمير فرج
|
25 مايو 2024
|
عندما بدأ الرئيس بوتين ولايته الخامسة حيث يعنى ذلك بقاءه فى السلطة حتى عام 2030، بدأ الجميع يتساءل متى ستتوقف الحرب الأوكرانية وإلى أين تتجه وهل اقتربت روسيا من تحقيق النصر المنشود، وحسم معركة المصير، خاصة بعد أن تمكنت القوات الروسية من تحقيق اختراقات جديدة فى منطقة كييف مع بداية هذا العالم وبعد أن أصبحت تحكم السيطرة على المناطق التى سيطرت عليها من قبل وهى لوهانسك ودونيتسك وزابورجيا وخيرسون. علاوة بالطبع على جزيرة القرم التى ضمتها روسيا عام 2014.
كذلك يخشى الغرب أن تسعى روسيا لإطالة أمد الحرب بهدف السيطرة على خاركيف وميكولايف وأوديسا التى زادت الهجمات عليها خلال الفترة الأخيرة. وإذا استمر التقدم الروسى فى ميادين القتال بنفس المعدل قد تطلب روسيا ضم أجزاء من محافظة نيتروبيتروفسك، بحيث يصبح الشرق الأوكرانى كاملًا تحت سيطرة روسيا حيث مازلت أرى أن استيلاء روسيا على ميناء أوديسا سوف يحقق لها السيطرة الكاملة على البحر الأسود ويحرم أوكرانيا من أن يكون لها تواجد على البحر الأسود وتصبح دولة مغلقة.
ولقد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية فى مارس الماضى وثيقة تعود لعام عبارة عن اتفاق سلام مقترح أراد الروس فرضه على أوكرانيا. ومن المرجح أن تظل هذه النقاط الرئيسية فيها مطروحة هذا فى حالة إن تمكنت روسيا من تحقيق نصر ميدانى يتيح لها فرض شروطها.
ولعل أبرز الشروط المعلنة هو أن تكون أوكرانيا دولة محايدة بشكل دائم بعيدا عن التحالفات العسكرية، وهذا يعنى أنه لن يسمح لها أبدا بالانضمام للناتو. أما الشرط الثانى الذى تضمنته الوثيقة فهو الإطاحة بالرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى وإدارته وتشكيل حكومة تحظى صراحة بدعم الكرملين، مما يجعل أوكرانيا دولة على طراز بيلاروسيا. أى تابعة لموسكو، كذلك يضمن السلام الروسى المقترح أن عدد القوات المسلحة الأوكرانية بعد الحرب تقدر قوته بخمسة وثمانين ألفا فقط.
بالإضافة إلى 342 دبابة و519 قطعة مدفعية، مع منع أوكرانيا من استيراد أى أسلحة أجنبية فى الخارج، أما التنازل الوحيد الذى قد تقدمه روسيا فى المقابل هو السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبى. ولكن بالطبع ليس لحلف شمال الأطلسى. وحاليا تتسابق موسكو لتحقيق أكبر حجم ممكن من المكاسب الميدانية على أرض القتال وكسر جمود خرائط الصراع. وذلك فى محاولة لتبديل موازين القوى فى الفترة القائمة حتى تصبح فى وضع رابح جزئيًا، كما تتحدث تقارير عسكرية فيما باتت تعرف بحرب الاستنزاف، وحاليا فإن كل المؤشرات تدل على أن الكرملين يستعد لصيف ساخن فى الجولة التالية من الحرب فى أوكرانيا. جولة استعدت لها موسكو بزيادة عدد قواتها البرية فى الخطوط الأمامية للحرب.
وطبقا لتقدير المعهد الملكى للخدمات المتحدة، يخطط بوتين لزيادة عدد قواته فى أوكرانيا إلى نحو 600 ألف جندى. وهو عدد يفوق عدد القوات الأمريكية التى كانت موجودة فى فيتنام فى ذروة الحرب هناك 1969. ليس هذا فحسب فقد حولت روسيا اقتصادها جذريا إلى اقتصاد حرب. وخصصت ميزانية عسكرية تتجاوز سبعة فى المئة من الناتج المحلى الإجمالى للبلاد فى 2024. أى ما يعادل نحو 104 مليارات دولار أمريكى. وبذلك باتت الميزانية العسكرية الروسية تساوى ميزانية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا الدفاعية مجتمعة تقريبا وتسيطر روسيا حاليا على نحو 20% من أراضى أوكرانيا فى الشرق والجنوب. وتحقق قواتها مكاسب ملحوظة منذ فشل الهجوم المضاد الذى شنته أوكرانيا فى 2023 وحاليا أمر فلاديمير بوتين القوات الروسية بتوسيع توغلها فى أوكرانيا بعد سقوط بلدة أفديفكا الشرقية فى إقليم دونيتسك.
وقد نشرت شبكة سى إن ان تقريرًا يشير إلى أن روسيا فى طريقها لإنتاج ذخائر مدفعية ثلاثة أضعاف ما تنتجه الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعة. حيث تنتج اليوم نحو 3 ملايين قذيفة مدفعية سنويا، وفقا لتقديرات استخبارات الناتو حول الإنتاج الدفاعى الروسى. فيما لدى الولايات المتحدة وأوروبا القدرة على إنتاج نحو 1200 مليون قذيفة مدفعية سنويا فقط لإرسالها لكييف. كما تتحدث التقارير عن استيراد روسيا ملايين قذائف المدفعية من كوريا الشمالية وآلاف المسيرات من إيران مع إنتاج مئات أخرى كل شهر، حيث إن ذلك أتاح لروسيا التفوق، وبالتالى تدهور الوضع الأوكرانى باعتراف القائد الأعلى للقوات الأوكرانية ألكسندر سيرسكى، مما دفع مجلس النواب الأمريكى إلى إقرار حزمة مساعدات لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار بعد أشهر من الجمود.
لكن مشكلة المساعدات الأمريكية تكمن فى أن عملية الشراء والتوصيل تستغرق وقتًا طويلًا بعد موافقة الكونجرس عليها. وقد استغرقت الولايات المتحدة نحو 22 شهرًا لإرسال أول حزمة من الأسلحة بقيمة 24 مليار دولار من مخزوناتها إلى أوكرانيا. وحتى لو تم إرسال المساعدات الجديدة بضعف السرعة سيستغرق إيصال مساعدات بقيمة ثلاثة وعشرين مليار دولار عاما كاملا، وقد تستغرق عمليات شراء بعض الأسلحة الجديدة على الأقل سنة أو سنتين.
ولقد مارست أوكرانيا كل أنواع الضغوطات للحصول على المزيد من المساعدات الخارجية التى تقيها شر الهزيمة من روسيا. لكن مقالًا فى صحيفة فورن سيلز الأمريكية أشار إلى أن المساعدات الأمريكية لن تكون وحدها كفيلة بإنقاذ أوكرانيا. فحتى تصمد أوكرانيا يتعين على كييف بناء كتائب جديدة لإجبار روسيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وفى رأى اتفق معه مقال آخر فى بلومبرج هذه المرة أشار إلى أن بوتين لا يخشى المساعدات فى أوكرانيا، لأنه يعتقد أنه قادر على الصمود لمدة أطول من الفترة السابقة حيث تخشى الدول الغربية مجرد التفكير بما قد يجرى لو انتصر فلاديمير بوتين فى الحرب، لدرجة الحديث عن عدم معارضة استهداف العمق الروسى بأسلحة غربية، هذه تصريحات أحدثت صدى كبيرا فى روسيا التى قرأت فيها قرارا بمشاركة قوات غربية فى الحرب وهو الأمر الذى كان يرفضه الغرب من قبل أن تستخدم أوكرانيا هذه الأسلحة لضرب عمق روسيا الأمر الذى يمكن أن يدفع روسيا إلى استخدام الأسلحة النووية فى هذه الحرب. ويعزز هذه الآمال تزايد احتمال إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة وتراجع دعمه للناتو. فهل تشفع خطى التنمية قدرات الدفع الذاتية بالدول الأوروبية وتقى أوكرانيا من الهزيمة؟!، ورغم أن زيارة وزير الخارجية الأمريكى مؤخرا إلى أوكرانيا لدعمها معنويا على الأقل إلا أن كل الحسابات ترى أن الصيف القادم حاسم لصالح روسيا على الأرض الأوكرانية.
Email: sfarag.media@outlook.com
|