العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
ومازلت عند تصريحاتى بأن تعنت نيتانياهو فى الوصول إلى اتفاق سلام، مع حماس، لوقف إطلاق النار، يرجع لخوفه من المساءلة الرسمية عن تقصيره فى الحرب.
|
أجرانات الثانية
لواء د. سمير فرج
|
30 مايو 2024
|
بعد تمام شهر من بدء أعمال القتال، فى غزة، بين إسرائيل وعناصر المقاومة الفلسطينية، حماس، التى أثبتت نجاحها فى ميدان القتال، مقابل تعثر القوات الإسرائيلية، صرحت، من خلال مقالاتى، وحواراتى التليفزيونية فى الإعلام المصرى والعربى، بأنه فور انتهاء الحرب، ستقوم الجهات الإسرائيلية، بالتحقيق فى أسباب الفشل فى التصدى لحماس، حتى قبل بداية الحرب، إذ فشلت المخابرات الإسرائيلية، بفرعيها، الموساد والشاباك، فى كشف خطة حماس بالهجوم فى ذلك التوقيت، أو اكتشاف تجهيزاتها له، سواء بشراء الطائرات الشراعية التى عبرت بها السور الذى أقامته إسرائيل بطول الحدود مع غزة، فضلا عن الفشل فى الوصول إلى معلومات دقيقة عن أنفاق غزة. فاليوم، ونحن على بعد أيام من بدء الشهر التاسع لتلك الحرب الغاشمة، لم يكتشف جيش الاحتلال الإسرائيليى سوى 35%، فقط، من تلك الأنفاق التى حيرته، وكانت، ومازالت،السبب وراء الخسائر الفادحة فى أرواح قواته.
ومازلت عند تصريحاتى بأن تعنت نيتانياهو فى الوصول إلى اتفاق سلام، مع حماس، لوقف إطلاق النار، يرجع لخوفه من المساءلة الرسمية عن تقصيره فى الحرب، وعدم تحقيق جيشه أى هدف أو مكسب، من الأهداف الأربعة التى حددها، هو شخصياً، منذ بدء القتال، فقد صرح بوضوح بأن أول أهداف الجيش الإسرائيلى هو القضاء على حماس، وهوما لم يتحقق، حتى كتابة هذه الصور، ولم يلح تحقيقه فى الأفق، فمازالت حماس تقاتل الجيش الإسرائيلى، وتكبده خسائر فادحة، لم يتعود عليهايوماً. أما ثانى الأهداف فكان تحرير الرهائن، وهو ما لم يتحقق بالحرب، وجميع الرهائن التى سرحتها حماس، كانت ضمن اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وكان الهدف الثالث السيطرة على غزة، وهو مااستعصى على قوات نيتانياهو، حتى بعد ثمانية أشهر من القتال الغاشم والمستمر.
أما رابع الأهداف فكان نقل، أو بمعنى أدق تهجير، سكان غزة إلى سيناء،وهو الأمر الذى فشل فيه نيتانياهو، تماما، بسبب إصرار الرئيس السيسى على عدم تهجير سكان غزة، إلى مصر، لما فيه من تفريغ للقضية الفلسطينية من أصلها ومضمونها، وهو ما أيدته الإدارة الأمريكية، وأعلنه وزير خارجيتها، بلينكن،صراحة، ونشره فى تغريدة على حسابه الرسمى على منصة إكس، برفض الولايات المتحدة ترحيل ونقل الفلسطينيين من غزة إلى صحراء سيناء.وهكذا فشل نيتانياهو فى تحقيق أى من أهداف الحرب، وهو ما دفعنى للتصريح بخوفه من السلام، لما ينطوى عليه من مساءلة رسمية، فضلا عن اتهامه فى ثلاث قضايا فساد، يُنتظر أن يعاقب عليها بالسجن، إذا ما تمت محاكمته.
وخلال الأسبوع الحالى، وبينما الحرب ما زالت مشتعلة، حدث ما توقعته، إذ أعلن وزير الدفاع الإسرائيلى بينى جانتس، أنه سيقدم اقتراحا، للحكومة الإسرائيلية، بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، للبحث فى أسباب إخفاقات السابع من أكتوبر، وهو ما أعاد لذاكرتى، تفاصيل يوم 21 نوفمبر من عام 1973، بعد أيام من انتصار قواتنا المسلحة المصرية، فى حرب أكتوبر 1973، عندما أعلنت إسرائيل تشكيل لجنة للتحقيق فى القصور الذى ألّم بالجيش الإسرائيلى خلال حرب أكتوبر1973 وشُكلت اللجنة، بالفعل، برئاسة شيمون أجرانات، رئيس قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية، وعضوية القضاة موشيه لاندرو، وإسحاق نابتزال، ورؤساء أركان الجيش السابقين فى إسرائيل، ييتجال يادين، وحاييم لاسكوف، وعقدت اللجنة أكثر من 140 جلسة، واستمعت لما يقرب من 58 شاهدا، من ضمنهم جولدا مائير، رئيس الحكومة الإسرائيلية، خلال الحرب، ووزير دفاعها موشى ديان، فضلاً عن الاطلاع على 188 شهادة خطية، وانتهت بقرار إقالة إلياهو زعيرا، مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية،إبان حرب 1973، وكذا إقالة رئيس أركان حرب الجيش الإسرائيلى دافيد بن أليعازر، وإقالة قائد الجبهة الجنوبية شلومو جونين، وعدد من ضباط الاستخبارات الإسرائيلية. وبعدهابشهور قدمت جولدا مائير استقالتها من رئاسة الوزراء، ومعها موشى ديان، وزير الدفاع، بسبب قرارات لجنة أجرانات، التى عرفت باسم رئيسها.
وفى حرب غزة، فإن الشيء الفريد، هو عدم انتظار انتهاء الحرب لبدء التحقيقات، مثلما حدث فى أكتوبر 1973، بل صدر قرار التحقيق، بينما الحرب مازالت مستمرة، وهو ما يؤكد مدى فشل القوات الإسرائيلية، الذى يتحمله رئيس الوزراء الإسرائيلى، نيتانياهو، حتى إن إتاحة مزيد من الوقت لا يعنى ضمان النتائج، وهو ما يُعد إدانة كبيرة للجيش الإسرائيلى، المصنف ضمن قائمة أقوى 20 جيشا على مستوى العالم، إلا أن صلابة المقاومة الفلسطينية، وبأس أهالى غزة، أثبتا قدرتها على هزيمة ذلك الجيش، وهو ما حدث فى حرب أكتوبر 1973، عندما صدرت جميع التقارير الاستراتيجية، والعسكرية، قبيل بدء الحرب، لصالح إسرائيل، مؤكدة تفوق قواتها على القوات المسلحة المصرية، من خلال دراسات مقارنة أثبتت التقدم النوعى والكمى للأسلحة والمعدات الحربية الإسرائيلية على نظيراتها المصرية.
ورغم حسم تلك التقارير، لنتيجة الحرب، مبكرا، لصالح إسرائيل، فإن الجيش المصرى العظيم، فجر مفاجأة، للعالم، بانتصاره الغالى فى تلك الحرب، بتأييد من الله عز وجل، ثم بفضل شعب مصر العظيم، الذى ساند جيشه، وأيده، ودعمه خلال مسيرته لتحقيق أغلى انتصاراته فى العصر الحديث.تذكرت أحداث ونتائج لجنة أجرانات، وأنا أتابع أخبار بدء التحقيق فى قصور الجهات الإسرائيلية فى حرب غزة، متمنيا أن يثبُت للجميع فشل الجيش الإسرائيلى، والحكومة الإسرائيلية، وقبلهما جميعا، المتغطرس، بنيامين نيتانياهو.
Email: sfarag.media@outlook.com
|