العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
إدارة الرئيس جو بادين تدرس تعيين مسؤول أمريكى ليكون كبير المستشارين المدنيين لقوة معظمها من الفلسطينيين.
|
الولايات المتحدة تسعى لدور بارز فى غزة بعد الحرب
لواء د. سمير فرج
|
29 يونيو 2024
|
وفجأة، ظهرت الولايات المتحدة بمقترح جديد حيث ظهر ذلك بقيام واشنطن بالسعى للعب دور بارز فى غزة بعد انتهاء الحرب ورحيل القوات الإسرائيلية، حيث كشفت وثيقة سرية لوزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تستعد لدور بارز فى غزة بعد انتهاء الحرب، وحددت الوثيقة التى كشف عنها أربعة مسؤولين بارزين لموقع بوليتيكو كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد فى تحقيق الاستقرار فى غزة بعد وقف إطلاق النار.
ونقل موقع بوليتيكو عن المسؤولين الأربعة أن إدارة الرئيس جو بادين تدرس تعيين مسؤول أمريكى ليكون كبير المستشارين المدنيين. لقوة معظمها من الفلسطينيين، عندما ينتهى الصراع بين إسرائيل وحركة حماس فى غزة، فى إشارة إلى أن الولايات المتحدة تخطط للمشاركة بشكل أكبر فى تأمين مرحلة ما بعد الحرب بفترة، وقد قال المسؤولون إن المستشار المدنى سيكون مقره فى المنطقة، وسيعمل بشكل وثيق مع قائد القوة الذى قد يكون فلسطينيًا، أو من دولة عربية.
وأضاف المسؤولون أن واشنطن لا تزال تناقش حجم السلطة الرسمية، التى سيتمتع بها هذا المستشار، وذلك كجزء من خطة الولايات المتحدة للعب دور بارز فى انتشال غزة من الفوضى التى تعيش فيها الآن. بعد انتهاء الحرب
وكانت فكرة«اليوم التالى»..«ماذا بعد؟» «?What is after»، مصطلحات ثلاثة، إذا ما طبقناها على حرب غزة، فمعناها «من سيسيطر على غزة بعد انتهاء الحرب؟»، وقد برزت تلك المصطلحات منذ بدء الحرب فى غزة، نتيجة للخبرات المكتسبة، من قرارات الولايات المتحدة الأمريكية، ودول حلف الناتو، منذ ١٢ عامًا، حين تم التخلص من الرئيس الليبى، معمر القذافى. اتُخذ القرار حينها، ونجحت الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو، ليس فقط فى إزاحته عن الحكم، بل فى القضاء عليه، دون التفكير فى مستقبل ليبيا، ومآلها، بعد ذلك.
ولأن مصير ليبيا، واستقرارها، لم يكن، أبدًا، الهدف، فقد ظلت ليبيا، منذ ذلك الوقت، وطيلة ١٢ عامًا، تتخبط، فانقسمت بين دولة فى غرب ليبيا عاصمتها طرابلس، ورئيس وزرائها عبد الحميد الدبيبة، وأخرى فى الشرق، فى بنى غازى، رئيس وزرائها أسامة حماد، ولا يستطيع أحد الجزم بمصير ليبيا، ولا بخريطة الطريق للم الشمل، بهدف إجراء انتخابات رئاسية، وبرلمانية، وتعيين رئيس للوزراء، لتعود الحياة إلى طبيعتها. والدليل على أن مستقبل ليبيا لم يكن موضع اعتبار، فبعد أعوام من التخلص من الرئيس القذافى، استجوب البرلمان البريطانى حكومته متهمًا إياها بالإخفاق يوم وافقت على قرار التخلص من القذافى، دون التفكير فى ترتيب أوضاع ليبيا، أو «What is after?»، بعد تنفيذ القرار.
ونتاجًا لتلك الخبرة، خرجت الولايات المتحدة، بعد شهر من بدء حرب غزة، بسؤال عمن سيحكمها بعد انتهاء الحرب وخروج إسرائيل، وطُرحت خمسة سيناريوهات للإجابة عن السؤال، تبلور أولها فى زيارة وليام بيرنز، مدير الاستخبارات الأمريكية، للقاهرة، ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث طرح بيرنز، الذى يترأس إحدى أهم أذرع إدارة السياسة الخارجية الأمريكية.
السيناريو الأول «لليوم التالى»، الذى ترى فيه أمريكا تولى مصر إدارة قطاع غزة، لفترة انتقالية، مدتها ستة أشهر، يتم خلالها إجراء انتخابات، وتعيين حكومة تكنوقراط من أهالى غزة، على أن تتحمل أمريكا كل التكاليف المرتبطة بتلك المهمة، ماليًا وعسكريًا، ودعم مصر باحتياجاتها من الأسلحة والمعدات العسكرية اللازمة لإدارة قطاع غزة.
ورغم سخاء العرض المالى، والعسكرى، إلا أن بيرنز فوجئ بالرفض القطعى، من الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، لذلك السيناريو، عارضًا سيناريو بديلًا، أو السيناريو الثانى، بأن تتولى السلطة الفلسطينية، فى رام الله، إدارة القطاع، باعتباره الحل البديهى، والطبيعى، لتعزيز السيادة الفلسطينية على أراضيها، ومنع التدخلات الأجنبية، حتى وإن كانت من مصر. وقد أيدت مجموعة الدول العربية ذلك الطرح، وبالطبع، رفضته إسرائيل.
وعرضت إسرائيل، من جانبها، السيناريو الثالث، بتولى مجموعة من «العشائر العربية»، فى قطاع غزة، الموالية، بالطبع لإسرائيل، السيطرة على قطاع غزة، خلال الفترة الانتقالية المتفق عليها، لحين إجراء الانتخابات، وهو ما لاقى إجماعًا فى الرفض من مصر، والدول العربية، والإدارة الفلسطينية، فى رام الله، بل حتى إن الولايات المتحدة لم ترحب به، باعتباره حلًّا غير منطقى.
وفى محاولة الوصول لسيناريوهات بديلة، فوجئنا خلال زيارة وزير الدفاع الإسرائيلى يواف جالانت، إلى أمريكا، مؤخرًا، بعرض سيناريو رابع جديد، لليوم التالى من نهاية الحرب، والذى يقترح فيه تشكيل قوة عسكرية عربية، من القوات المسلحة لعدد من الدول العربية، تتولى إدارة والإشراف على قطاع غزة، لمدة ستة أشهر، يتم خلالها إجراء انتخابات داخل القطاع، لاختيار أعضاء حكومة تكنوقراط، وهو ما رفضته مصر، مرة أخرى، ومعها باقى الدول العربية، إدراكًا منها لمحاولات إسرائيل، بهذا السيناريو، من الوصول إلى هدفها الأول، والرئيسى، وهو إقصاء السلطة الفلسطينية من قطاع غزة.
أما خامس وآخر السيناريوهات المطروحة، مؤخرًا، فخرج من الولايات المتحدة الأمريكية، والذى عرضت فيه تكوين قوات دولية متعددة الجنسيات، مثل «قوات يونيفيل» الموجودة فى جنوب لبنان، على أن تتولى الإشراف على قطاع غزة لنفس المدة الانتقالية المحددة، ولحين إتمام الانتخابات، وتعيين الحكومة الفلسطينية فى غزة، معلنة عدم مشاركة الولايات المتحدة، بقوات أمريكية، فى تلك القوة، ومتعهدة بعدم بقاء جندى أمريكى واحد، على أرض قطاع غزة.
بعد انتهاء القتال، وخروج القوات الإسرائيلية. ومرة أخرى لم ترحب مصر ولا مجموعة الدول العربية بهذا العرض، انطلاقًا من حيث ثوابت عدم السماح بالتدخل الأجنبى، وحق الشعب الفلسطينى المشروع فى تقرير مصيره، والسيادة على أراضيه، وهو ما ترى مصر أنه لن يتحقق إلا بتولى السلطة الفلسطينية، فى رام الله، إدارة قطاع غزة.
وكما سبق أن أوضحنا، فإن إجابة سؤال «ماذا بعد اليوم التالى؟»، أو «?What is after»، دارت، بعد رفض السيناريوهات الخمسة، المطروحة، التى استهدف بعضها ضمان حسن إدارة قطاع غزة، لحين انتخاب حكومة جديدة به.
من هنا جاء العرض الأمريكى الأخير الذى عاد بعد رفض المقترحات الخمسة الأخيرة، عن طريق وجود مسؤول أمريكى لا يتواجد فى غزة، لكنه يقود العناصر التى معظمها من الفلسطينيين، لفترة محدودة يتم فيها إجراء انتخابات داخل قطاع غزة، ويخرج بحكومة تكنوقراط، تدير غزة فى المرحلة التالية بهدف الوصول إلى الحل النهائى من خلال الدولتين.. وعمومًا كلنا أمل أن تؤدى هذه الفكرة لتحقيق السلام فى فترة ما بعد الانسحاب الإسرائيلى من غزة.
Email: sfarag.media@outlook.com
|