الصومال نحو مستقبل جديد

الصومال... أحد أهم الدول الإفريقية، بما تمتلكه من أطول حدود بحرية فى قارة إفريقيا، وما لها من تاريخ، كأهم مراكز التجارة فى العالم. عرفها المصريون، منذ عهد الفراعنة، باسم بلاد بونت، خاصة فى عهد الملكة حتشبسوت، ونُقشت الرحلات التجارية معها على جدران المعابد الفرعونية.

كانت أولى زياراتى للصومال، فى أواخر سبعينيات القرن الماضى، ضمن وفد عسكرى مصرى، لبحث سبل التعاون العسكرى بين البلدين. كانت الصومال قد خرجت، قبلها بأعوام، من تحت الاستعمار الإيطالى، الذى استنزف خيراتها وثرواتها، كباقى دول القارة الإفريقية، التى وقعت فريسة للاستعمار الأجنبى، وتركها فقيرة بلا أى بنية أساسية، فلم يكن بها إلا مصنع للحوم، فى مدينة كيسمايو، يعمل فى جمع الثروة الحيوانية، التى تشتهر بها الصومال، لتصنيعها وتصديرها.

كانت ظروف الحياة صعبة، فى دولة مستنزفة الموارد، مما جعلها أرضًا خصبة لقيام «حركة شباب المجاهدين»، أحد التنظيمات القتالية المتطرفة، التابعة فكريًا لتنظيم القاعدة، وقد أدرجتها الولايات المتحدة الأمريكية على قائمة المنظمات الإرهابية فى العالم، لما تشكله من تهديد للأمن القومى العالمى، حتى أنها رصدت مبالغ مالية ضخمة لمن يدلى بمعلومات عن قادتها، وأبرزهم القائد أبو الزبير. ومؤخرًا، قامت بعض العناصر باستغلال ضعف الحكم، للانفصال عن الصومال فيما أطلقوا عليه اسم «صومالى لاند»، ورغم عدم الاعتراف الدولى بصومالى لاند، إلا أن تلك الحركة الانفصالية قد قامت بتوقيع اتفاق مع إثيوبيا، لبناء قاعدة لإثيوبيا، تحصل بمقتضاها على منفذ على البحر الأحمر.

وفى الأسبوع الماضى حضر الرئيس الصومالى، حسن شيخ محمود، فى زيارة رسمية إلى القاهرة، استقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسى، لبحث أوجه التعاون بين الدولتين، وتوقيع اتفاقية تعاون عسكرى، فى وقت تشهد فيه المنطقة الكثير من التحديات الإقليمية والدولية، غير المسبوقة، خاصة بمنطقة القرن الإفريقى، التى تتطلب تنسيق التعاون بين مصر والصومال، لتحقيق استقرار المنطقة، بالتركيز على منطقة باب المندب، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، والتى تعد المدخل الجنوبى الرئيسى لقناة السويس.

وقد أسفرت الزيارة عن توقيع اتفاقية تعاون عسكرى مع مصر، تقوم مصر بمقتضاها بمساعدة دولة الصومال فى إنشاء جيش نظامى قوى، من خلال دورات التدريب، وإعداد الكوادر، والإمداد بالمعلومات، بما يمكنه من التصدى للمنظمات والجماعات الإرهابية، والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه.