العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وكأن إسرائيل لم تكتفِ بتلك الجبهات الثلاث، التى لم تتمكن من إحراز تقدم على أيها، لتضيف جبهة قتالية جديدة، ضد إيران.

عندما تتغير قواعد اللعبة على المستوى العسكرى فى إسرائيل
 

لواء د. سمير فرج

 7 سبتمبر 2024


تدور القواعد العسكرية حول القانون، وأساليب استخدامه للتحكم فى نظم العمل بالميادين العسكرية، مثله فى ذلك كالقضاء الذى ينظمه قانون الجنايات، أو قانون الضرائب، وغيرهما، أو مجال الاقتصاد الذى ينظمه قانون الاستثمار، وقوانين إنشاء الشركات وتوزيعات الأرباح وغيرها. وكذلك فى العمل العسكرى، نجد القوانين التى تنظم عمل مختلف جيوش العالم، كتلك المعمول بها فى الجيش البريطانى وتسمى «Land Operation»، أو فى أمريكا والمعروفة باسم «Field Manual»، أو المتبعة فى مصر، وهو «قانون القتال»، التى تحدد على سبيل المثال، المواجهة التى يعمل عليها أحد ألوية المشاة، عند البدء فى عملية هجومية.

أما من الناحية الاستراتيجية، فتنصح القواعد بعدم فتح جبهتين هجوميتين فى وقت واحد، لضمان عدم توزيع، أو تفتيت، الجهود النيرانية والعسكرية فى الاتجاهين، وتركيز هجوم الدولة فى اتجاه واحد، وتأجيل الهجوم فى الاتجاه الثانى لوقت آخر. ولتوضيح الأمر، بمثال قريب للأذهان، دعونا نسترجع مفاجأة حرب أكتوبر 1973، عندما شنت مصر وسوريا هجومهما على إسرائيل فى وقت واحد، مما وضعها فى موقف صعب، عجزت خلاله عن مجابهة دولتين فى اتجاهين مختلفين، فكانت الخسارة حليفتها.

واليوم، بينما إسرائيل منخرطة فى حربها الغاشمة على غزة، شمالاً وجنوباً، حتى منطقة رفح، نجدها تفتح جبهة جديدة فى الشمال، ضد حزب الله فى جنوب لبنان، بعد اغتيالها لفؤاد شكر، الرجل الثانى فى حزب الله. قبل أن تفاجأ، بجبهة جديدة تُفتح عليها، عندما هاجمت طائرة مسيرة تل أبيب، وضربت المنطقة التى تتواجد بها السفارة الأمريكية. أُطلقت تلك الطائرة المسيرة من اليمن، وطارت لمسافة 2000 كيلو متر، لمدة عشر ساعات، دون أن تنجح وسائل الدفاع الأمريكية أو قوات التحالف الفرنسى - الإنجليزى، فى التعرض لها، أو حتى التقاطها، خلال رحلتها فوق البحر الأحمر. ورغم إعلان الجيش الأمريكى عن إسقاط ثلاث طائرات مسيّرة، فى ذلك التوقيت، إلا أن ذلك لا ينفى تغير قواعد اللعبة فى إسرائيل، بمواجهة جبهة جديدة، وهى اليمن.

وكأن إسرائيل لم تكتفِ بتلك الجبهات الثلاث، التى لم تتمكن من إحراز تقدم على أيها، لتضيف جبهة قتالية جديدة، ضد إيران، فى أعقاب اغتيال إسماعيل هنية، الذى اغتالته فى العاصمة الإيرانية، طهران، فى نهاية يوليو الماضى. وستكشف الأيام القادمة عن قدرة إسرائيل على الحرب على تلك الجبهات الأربع؛ فى غزة، وفى الشمال ضد حزب الله بلبنان، ثم جبهة اليمن، وأخيراً الجبهة الإيرانية، فضلاً عن الجبهة الداخلية، الناتجة عن غضب الإسرائيليين من حكومة نتنياهو، التى يرون فى قراراتها سبباً للزج بهم فى كل تلك المعارك.



Email: sfarag.media@outlook.com