العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

وبالطبع تأثرت أيضًا باقى شعوب العالم، ويشهد العالم حاليًا ثلاث مناطق للصراعات.

مناطق الصراع فى الشرق الأوسط
 

لواء د. سمير فرج

 7 سبتمبر 2024


فجأة، اشتعلت مناطق الصراع فى العالم؛ حيث بدأت كل منطقة مشتعلة تؤثر على كافة دول العالم.

منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية يومها أطلقت مقولتى الشهيرة نحن نعيش فى زمن الأوانى المستطرقة، حيث إن كل صراع فى المنطقة يؤثر على باقى دول العالم أيًّا كان مكانها، ولعل أبسط مثال على ذلك ما حدث فى الحرب الروسية الأوكرانية التى بدأت فى أوروبا، وبعيدة تمامًا عن مصر، ورغم ذلك فإن مصر كانت أكثر الدول تأثرًا بهذه الحرب، حيث إن مصر من أكبر الدول التى تستورد القمح فى العالم. وبالذات من روسيا وأوكرانيا، لذلك فقد ارتفعت أسعار القمح خاصة مع قلة المعروض كذلك محصول الذرة الذى يتم استخداما كغذاء للماشية والدواجن، ويأتى أيضًا من روسيا وأوكرانيا، وأخيرًا الزيوت. كل هذه الأصناف هى احتياجات الشعب المصرى التى تأثرت أسعارها بالحرب الروسية الأوكرانية.

وبالطبع تأثرت أيضًا باقى شعوب العالم، ويشهد العالم حاليًا ثلاث مناطق للصراعات، اثنتان منها تشهدان عمليات قتالية، والثالثة تشهد انفجارًا للموقف قد يحدث فى أى وقت والوصول إلى استخدام القوات والأسلحة. المنطقة الأولى هى الحرب الروسية الأوكرانية التى تدخل عامها الثالث ولا أحد يعلم متى ستنتهى والتى أثرت على العالم كله بسبب تأثر الاقتصاد والقمح والذرة. والمنطقة الثانية هى حرب غزة التى تدخل حاليًا عامها الأول وإسرائيل لم تحقق فيها أى انتصار والثالثة هى حرب الصين وتايوان التى لم تبدأ بعد لكن يمكن أن تشتعل فى أى لحظة.

ونعود إلى المنطقة الأولى هى منطقة الحرب الروسية الأوكرانية التى بدأت تدخل عامها الثالث ولا أحد يعلم متى تنتهى، حيث نجحت روسيا خلال السنوات الماضية فى الاستيلاء على ٢٥٪ من الأراضى الأوكرانية، وقامت باحتلال أربع مقاطعات هى لوهانسك ودونيتسك وزابورجيا وخيرسون، بل قامت بعمل استفتاء وقررت ضمها إلى روسيا.

ولكن جاءت المفاجأة بعد فشل أوكرانيا فى هجوم الربيع الماضى لاستعادة أراضيها التى فقدتها، حيث قامت بشكل مفاجئ بالهجوم على منطقة كورسيك حيث كانت القوات الروسية فى هذا الاتجاه تدافع عنها بقوات محدودة من حرس الحدود، لذلك طبقت القوات الأوكرانية ما هو موجود فى الكتب بمهاجمة أضعف النقاط فى أى دفاعات، ولذلك حققت اختراقًا لعمق المنطقة وهددت المفاعل النووى هناك ومنطقة توزيع الغاز الطبيعى الروسى إلى كل أوروبا. وبتحقيق ذلك الاختراق، أصبح لأوكرانيا موقف قوى عندما تدخل فى أى مفاوضات سلام مع روسيا بعد الانتخابات الأمريكية القادمة.

والمنطقة الثانية فى الصراعات هى منطقة الشرق الأوسط التى بدأت يوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣م، والتى تقترب من عامها الأول، وإن كانت حاليًا بين إسرائيل والمنظمات الفلسطينية، ولكن دخلت على استحياء دون تورط كامل، إيران، ومعها أذرعها فى المنطقة حزب الله فى جنوب لبنان، وحزب الله فى سوريا، والحوثيين فى اليمن. ومن المحتمل أيضًا تدخل إيران فى أى لحظة للرد على عملية اغتيال إسماعيل هنية على الأرض الإيرانية، ورغم قيام حزب الله بتنفيذ ضربة ضد إسرائيل ونتج عنها اغتيال فؤاد شكر وقيام إسرائيل بضربة استباقية قبلها إلا أنها لم تطور الأمور لأكثر من ذلك.

وأيضا نأتى إلى الجيش الإسرائيلى فى حربه ضد حماس وهى تقترب من الدخول إلى العام الأول وحتى الآن لم يحقق أيًّا من أهدافه الثلاثة، وهى تخليص الرهائن والقضاء على حماس واحتلال غزة ويهدف الجميع نحو تحقيق السلام فى هذه المنطقة، خاصة الولايات المتحدة، حيث إن جو بايدن يركز وبسرعة على إبرام اتفاقية السلام لتكون أهم عمل قام به خلال فترة توليه الأربع سنوات رئيسًا لأمريكا.

ولكن على الطرف الآخر نجد نتنياهو يرفض السلام بكل الطرق، لأنه لو نجح السلام وتم إيقاف النار سوف يدخل نتنياهو السجن فى ثلاث قضايا فساد، علاوة على أنه سوف يحاسب على اتهامه بالتقصير فى هذه الحرب، هو ووزير الدفاع، ورئيس الأركان ورؤساء المخابرات الثلاثة، ومن هنا يبذل نتنياهو قصارى جهده لإيقاف أى عملية للسلام، ولذلك فإنه يعمل على وضع العراقيل فى كل مرة يصل بها الأطراف إلى قبول وقف إطلاق النار خاصة عندما تعلن حماس أنها ستوافق فإنه يبتدع مشكلة أخرى مثلما حدث فى موضوع ممر فيلادلفيا الذى يصر نتنياهو على وجود قوات إسرائيلية هناك بينما ترفض مصر ذلك بل تصر مصر على عدم وجود قوات إسرائيلية على معبر رفح طبقًا لاتفاقية المعابر الموقعة بين الدولتين عام ٢٠٠٥.

أما منطقة الصراع الثالثة فيمكن أن نطلق عليها صراع «النار تحت الرماد» ويقصد بها الصراع الذى يمكن أن ينفجر فى أى لحظة، بمنطقة جنوب شرق آسيا، النزاع الصينى التايوانى، وإن كانت الصين تبدو صبورة للغاية بحيث تركز حاليًا على عدم إثارة الموقف والدخول فى حرب مباشرة، حتى لا تفقد التقدم الاقتصادى، لأنها الآن ثانى قوة اقتصادية فى العالم بعد الولايات المتحدة ولو استمر الموقف على ما هو عليه، يمكن أن تكون الصين عام ٢٠٣٠ هى أكبر قوة اقتصادية لذلك من المنتظر أن يظل هذا الاتجاه ساكنًا.

رغم محاولات الولايات المتحدة جر الصين فى عمليات قتالية، خاصة أن الصين حاليًا تركز على استكمال طريق الحرير القديم الذى يمر الطريق البرى منه عبر سهول آسيا، ليصل إلى أوروبا. ويتكلف مليارات الدولارات، ثم الطريق البحرى الذى يمر عبر قناة السويس، ليصل أيضًا إلى أوروبا، وهى تبنى الآن أكبر سفن حاويات فى العالم لتحمل ٢٠ الف حاوية علاوة على التدخل الاقتصادى الصينى فى إفريقيا، كل تلك الأمور تستدعى التريث قبل الدخول فى أى أعمال قتالية، حتى لا تفسد هذه الحروب الأنشطة التجارية التى ستصل عام ٢٠٣٠، لتصبح الصين أكبر قوة اقتصادية فى العالم، وتتخطى الولايات المتحدة الأمريكية.

وهكذا مازالت مناطق الصراع الثلاث مشتعلة، وما زال العالم يرجو أن يتم السلام حتى تهدأ الأمور، وتستقر الأسعار، وتنتهى مشكلة البطالة فى العالم كله، خاصة لدى دول العالم الثالث، حيث يرى الجميع أن منظمة الأمم المتحدة وقفت عاجزة حتى الآن عن أن تتخذ أى قرارات حاسمة حول تحقيق السلام فى هذه المناطق المشتعلة، ولذلك فإننا نقول إن أعمال الصراع الحالية قد أعطت شهادة الوفاة لمنظمة الأمم المتحدة.



Email: sfarag.media@outlook.com