العودة إلى الفهرس الرئيسي

لتحميل الوثيقة في صورة PDF

من المقــال

أفادت التقارير بأن مهاجمة العمق الروسى، سيؤدى، حتماً، لتغيير قواعد الاشتباك الروسية، التى ستعتمد، حينئذ، على حقها فى استخدام السلاح النووى.

هل يسمح الغرب لأوكرانيا بضرب العمق الروسى؟
 

لواء د. سمير فرج

 21 سبتمبر 2024


فرضت الأحداث المُندلعة فى غزة، منذ أكتوبر 2023، من قيام إسرائيل بمجازر ضد الشعب الفلسطينى، وتطور أعمال القتال إلى الضفة الغربية، وجنوب لبنان، وحتى إيران، انشغالاً عن المتابعة الحثيثة لأخبار الحرب الروسية الأوكرانية، التى أوشكت على بدء عامها الثالث، وأحدثت تأثيراً كبيراً على كل دول العالم.

إلا أن أوكرانيا فاجأت الجميع، فى الأسابيع الماضية، بهجوم خاطف، على منطقة كورسك، وتوغلت لعمق ٢٠ كيلو مترا، داخل الأراضى الروسية، مستغلة غياب الدفاعات الروسية، المتمثلة فى القوات المقاتلة، وقوات حرس الحدود، عن تلك المنطقة، مما كان سبباً فى نجاح الاختراق الأوكرانى. وبالطبع، لم تقف روسيا مكتوفة الأيدى، وإنما سارعت فى توجيه ضربات قوية، بالطائرات المسيرة، فى عمق أوكرانيا، مستهدفة بنيتها الأساسية، سواء محطات الكهرباء أو المياه.

وأمام ذلك طلبت أوكرانيا، من أمريكا وإنجلترا، رفع القيود المفروضة عليها فى استخدام الأسلحة لضرب عمق روسيا، وتحديداً عن الصواريخ طويلة المدى، من طراز ستورم شادو، تلك الصواريخ الفرنسية الصنع، التى تبلغ تكلفة الواحد منه مليون دولار أمريكي، ويصل مداه إلى ٢٥٠ كيلو مترا، ويتم إطلاقه بواسطة الطائرات المسيرة، باعتباره السلاح المثالى لاختراق التحصينات ومخازن الذخيرة الروسية، وإحداث تأثيراً شديداً عليها. إلا أن روسيا أعلنت، بوضوح، أن سماح أمريكا وإنجلترا والدول الأوروبية باستخدام أى من أسلحتهم فى ضرب العمق الروسى، يعد بمثابة اشتراك مباشر فى الحرب، وهو ما سيؤدى لإعلانها حرباً عالمية.

وفى حين أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا تفهمهما لطلب أوكرانيا باستخدام الأسلحة الأمريكية والأوروبية للدفاع عن نفسها، وهو ما قد يستلزم ضرب العمق الروسى، إلا أنهما رأتا أن ذلك قد يؤدى إلى تصعيد للصراع، الذى استمر، لعامين ونصف العام، حتى الآن. وهو ما تم الإعلان عنه خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، إلى كييف خلال الأسبوع الماضى، من أن الرئيس الأمريكى جو بايدن أيد ذلك الأمر مع رئيس الوزراء البريطانى، الذى سيزور واشنطن لاحقاً.

وعلى صعيد متصل، أفادت التقارير بأن مهاجمة العمق الروسى، سيؤدى، حتماً، لتغيير قواعد الاشتباك الروسية، التى ستعتمد، حينئذ، على حقها فى استخدام السلاح النووى، باعتبارها دولة نووية تتعرض لهجوم على أراضيها. وفى هذه الحالة، سيحق لروسيا استخدام السلاح النووى سواء الاستراتيجى، أو التكتيكى ذو التأثير الأقل، نسبياً، لتدمير العاصمة كييف، مثلما استخدمته أمريكا، خلال الحرب العالمية الثانية، ضد نجازاكى وهيروشيما اليابانية.

ورغم إعلان وزير الخارجية الروسى من عدم ضرورة استخدام الأسلحة النووية، إلا أن ذلك لن يمنع بلاده من تحويل كييف إلى كتلة ملتهبة، لن يستطيع أحد إطفاءها، ليزداد الموقف اشتعالاً، فى منطقة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بينما الولايات المتحدة منشغلة بسباق الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 5 نوفمبر القادم، ووسط تطلعات العالم بتهدئة الأوضاع، لحين وصول الرئيس الأمريكى الجديد للحكم، أملاً فى الاتجاه إلى حل سياسى للحرب.



Email: sfarag.media@outlook.com