العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
وبالنظر إلى تكتيكات تلك الحرب، يتضح أن إسرائيل،طبقت فى عملياتها العسكرية، منذ بدايتها، مفهوم «المراحل»، المعمول به فى العقيدة، أو المدرسة، العسكرية الغربية.
|
الحرب فى المنطقة إلى أين؟.. رؤية تحليلية
لواء د. سمير فرج
|
31 أكتوبر 2024
|
ثلاثة عشر شهرا مرت، منذ بدء القتال فى غزة، يوم 7 أكتوبر 2023، عندما نفذت حماس عمليتها ضد جيش الاحتلال الإسرائيلى، فيما أطلقت عليه اسم «عملية طوفان الأقصى». ويومها توقع الكثيرون ألا تستمر تلك الحرب لأكثر من أسبوعين، على عكس العسكريين، الذين يؤمنون بإمكانية تحديد موعد بدء المعركة، واستحالة التكهن بموعد انتهائها، وهو ما أثبتته تلك الحرب، المستمرة منذ ثلاثة عشر شهرا، دون تصورات عن موعد توقفها.
وبالنظر إلى تكتيكات تلك الحرب، يتضح أن إسرائيل،طبقت فى عملياتها العسكرية، منذ بدايتها، مفهوم «المراحل»، المعمول به فى العقيدة، أو المدرسة، العسكرية الغربية؛ متخذة من غزة مرحلة أولى للعمليات، بهدف تدمير حماس، والاستيلاء على قطاع غزة، وتحرير الرهائن، وفقاً لما أعلنته فى بداية العمليات، ولما لم تنجح فى تنفيذ أى من تلك الأهداف، اللهم إلا بإضعاف حماس نسبياً، بدأت،بعد أحد عشر شهراً، فى تنفيذ المرحلة الثانية، بتحول القوات الإسرائيلية تجاه جنوب لبنان، بهدف تدمير القوة المسلحة لحزب الله.
فبدأت تلك المرحلة بتنفيذ خطة اغتيالات ضد قادة حزب الله، وعلى رأسهم حسن نصر الله، وعدد من قيادات الصف الأول والثانى، مع تدمير شبكة الاتصالات، وتصفية 3000 فرد من خلال تفجير أجهزة البيجر. ثم أعقبت ذلك باقتحام الجنوب اللبنانى، بدعوى تأمين عودة أهالى المستوطنات الإسرائيلية على الحدود مع جنوب لبنان، فتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلى، نيتانياهو، باستعادة، بعض من ثقة الإسرائيليين، الغاضبين بسبب فشله، وحكومته، فى الإفراج عن المحتجزين لدى حماس، حتى كتابة تلك السطور.
ومن المنتظر استمرار نيتانياهو فى القتال حتى القضاء على القوة العسكرية لحزب الله، التى تعد أكبر قوة عسكرية، غير نظامية، فى العالم، وإقصاء عناصرها إلى ما بعد نهر الليطانى، لتحقق بذلك عملياته العسكرية،فى جنوب لبنان، هدفها إضعاف القوى القتالية لحزب الله، أما من الناحية السياسية، وبعد إجبار حزب الله على الانسحاب إلى ما بعد نهر الليطانى، فستعمل إسرائيل على تحديد وجود قوات الجيش اللبنانى، وقوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة، على الحدود من نهر الليطانى حتى حدود إسرائيل مع جنوب لبنان، تنفيذا للقرار 1701.
وبمقارنة مسرح العمليات العسكرية فى قطاع غزة، مع تلك فى جنوب لبنان، ففى ظنى أن وعورة الأرض، والطبيعة الجبلية لجنوب لبنان، ستكبد إسرائيل، فى تلك المرحلة، خسائر كبيرة، على صعيد المهاجم الإسرائيلى، أمام مقاتلى حزب الله، العالمين بطبيعة الأرض، والحافظين لمداخل ومخارج الوديان والجبال، وهو ما أثبته سير العمليات، إذ لم تتقدم إسرائيل سوى بضع المئات من الأمتار داخل الجنوب اللبنانى، حتى الآن.
وفى السياق نفسه، وجهت إيران ضربة جوية ضد إسرائيل، ردا على اغتيال إسرائيل حسن نصر الله وإسماعيل هنية، ورغم أن تلك الضربة الجوية لم تسبب أضرارا بالغة فى إسرائيل، إلا بإصابة فتاة من البدو فى صحراء النقب، فإن إسرائيل توعدت إيران برد عنيف.وهنا تم تصور سيناريوهات ذلك الرد الإسرائيلى، فى اثنين؛ السيناريو الأول،وهو البسيط، الذى تمنى الجميع ألا تتجاوزه إسرائيل، بضرب أهداف عسكرية إيرانية، داخل إيران، وبعض المطارات والمخازن والمصانع العسكرية، بينما السيناريو الثانى، الذى يخشاه الجميع، وحذرت منه أمريكا،أن تقوم إسرائيل بضرب المفاعلات النووية الإيرانية، ومصادر البترول. فاكتفت إسرائيل بالأول، الذى راح ضحيته أربعة إيرانيين، وضربت 20 هدفا، داخل إيران، من خلال ثلاث موجات بالطائرات، لم يكن من بينهما أهداف نووية أو بترولية.
وعند تلك اللحظة، تنفس العالم الصعداء، لأن البديل كان حربا إقليمية، واسعة النطاق، لا يعلم مداها إلا الله. وبدا من ذلك الرد، انصياع نيتانياهو، لأول مرة، منذ بداية الحرب، لرأى الولايات المتحدة الأمريكية، الذى نقله وزير خارجيتها، أنتونى بلينكن، عندما زار المنطقة قبل ثمان وأربعين ساعة من الضربة الإسرائيلية، ونصح إسرائيل بعدم التعرض للمفاعلات النووية الإيرانية. وقد تواردت بعض الأنباء عن إبلاغ إسرائيل لإيران بموعد وأهداف العملية، ورغم نفى إيران، فإننى على يقين، أن إيران كانت على علم، على الأقل، بالموعد، حتى وإن كان من خلال وسيط، وليس عن طريق إسرائيل، مباشرة.
ولعل ذلك النفى الإيرانى، لتبرير إعلانها بالرد، مرة أخرى، على إسرائيل، وهو ما أستبعد حدوثه، إذ لابد أن إيران تخشى استفزاز إسرائيل، ودفعها لاستهداف المفاعلات النووية، لذلك لا أرى غرضا من التصريحات الإيرانية إلا إحداث ضجة إعلامية، بينما تنتظر نتائج سباق الانتخابات الأمريكية، بعد عدة أيام، إذ سيعمل ترامب، فى حال فوزه، على إيقاف هذه الحرب، كما وعد خلال حملته الانتخابية.
ومنذ أيام، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرة لوقف إطلاق النار، فى قطاع غزة، يتم خلالها إطلاق سراح 4 من المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، مقابل عدد من السجناء الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، ورغم اعتراض نيتانياهو عليها، فى البداية، فإن ذلك لا يعدو كونه مناورة سياسية، فى ظل حرصه على حل مشكلة المحتجزين، التى تعد الأعقد فى الشارع الإسرائيلى، والدليل أنه أرسل رئيسى الموساد والشاباك، لمصر، فى الأسبوع الماضى، أثناء صياغة المبادرة، خاصة أنه يملك، اليوم، ورقة جديدة للتفاوض على زيادة أعداد الرهائن الذين سيفرج عنهم، وهى جثمان يحيى السنوار. وعموما أتوقع أن يكون الأسبوع المقبل مهما فى مسار الأزمة، خاصة مع بدء الانتخابات الأمريكية، التى ستكون نتائجها عاملا حاسما لإنهاء الحرب.
Email: sfarag.media@outlook.com
|