العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
ى البداية نقول إن العالم الآن لديه ثلاث مناطق ملتهبة: الأولى، منطقة الشرق الأوسط حيث فلسطين وإسرائيل ولبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن، وأخيرًا تركيا.
SFT_SUMMARY
|
رؤية تحليلية نحو عام ٢٠٢٥
لواء د. سمير فرج
|
28 ديسمبر 2024
|
تمر الأيام والشهور والسنون، ونجلس فى بداية كل عام، ندرس ونحلل الأحداث فى العام الذى مضى، ونحاول أن نحلل ونقرأ أيضًا ماذا سيحدث فى العام المقبل، حيث يكون التحليل أشق لأننا ندرس، بل ندقق فى الأرقام والأحداث، لكى نقرأ ما يدور بين السطور فى أذهان الجميع فى العام القادم ٢٠٢٥. وسوف أبدأ اليوم مع بداية العام الجديد أن أدرس وأحلل ما هو المنتظر، وما هى الأحداث وما هى التحركات والسياسات والتغيرات فى التركيبة الدولية التى ستبرز فى العام الجديد؟.
فى البداية نقول إن العالم الآن لديه ثلاث مناطق ملتهبة: الأولى، منطقة الشرق الأوسط حيث فلسطين وإسرائيل ولبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن، وأخيرًا تركيا. والمنطقة الثانية، وسط أوروبا، وهى الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، حيث دخلت فيها أعمال القتال والحرب، والعالم كله يخسر، ليس فقط روسيا وأوكرانيا، لأننى أقول دائمًا إننا نعيش فى عالم الأوانى المستطرقة، حيث ما يحدث الآن فى أى مكان يؤثر على باقى الأماكن والأنظمة والدول الأخرى.
وأقول دائمًا إنه مثلًا من كان يتخيل أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا يمكن أن تؤثر على دولة كبيرة مثل مصر، فى إفريقيا وبعيدة كل البعد عن وسط أوروبا، ولكن هذا ما حدث بالفعل، حيث تأثرت مصر بأسعار القمح (الرغيف العيش)، والذرة (علف للحيوانات والطيور)، وأخيرًا الزيوت.
والمنطقة الثالثة فى العالم، هى فى أقصى شرق الكرة الأرضية بين الصين وتايوان، والتى فيها النار تحت الرماد، ويمكن أن تشتعل فى أى وقت، لكنى أثق فى سياسة الصين التى تحاول أن تحتوى أى توتر فى المنطقة يمكن أن يتصاعد إلى درجة القتال، لأنها تعلم تمامًا أن الدخول فى أى حرب سوف يوقف نموها الاقتصادى. نعلم تمامًا أنها تسير بسرعة الصاروخ فى تنمية اقتصادها الذى هو الثانى عالميًا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، فإذا استمرت الصين بهذا المعدل من النمو دون أن تدخل فى أى حروب وأعمال قتالية، فإنها سوف تسبق الولايات المتحدة، وتصبح أكبر قوة اقتصادية فى العالم اعتبارًا من عام ٢٠٣٠.
وعندما نبدأ فى دراسة ما يحدث فى المنطقة حولنا، نجد أن مصر تشهد حاليًا تهديدات فى الاتجاهات الأربعة الاستراتيجية فى وقت واحد، بعد أن كانت فى الماضى مهددة من الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى فقط، أو ما كان يُطلق عليه بوابة مصر الشرقية أو الاتجاه السيناوى من ناحية سيناء التى كانت بوابة جميع الغزوات إلى مصر عبر التاريخ، بدءًا من الهكسوس مرورًا بالإسكندر والصليبيين والعثمانيين وحتى إسرائيل فى حرب ١٩٥٦ وبعدها ١٩٦٧ ثم بعدها الإرهاب.
أما فى اليمن، فإنه بعد استيلاء الحوثيين على مقاليد الحكم هناك أعلن الحوثيون أنهم يرفعون شعار وحدة الصفاف، أى أنهم متعاطفون تمامًا مع حماس فى غزة، لذلك بدأت حربهم ضد إسرائيل بالتعرض للسفن الإسرائيلية بل وضد أراضى إسرائيل نفسها بإطلاق الصواريخ الباليستية والمسيرات ضد الأهداف الحيوية فى إسرائيل، وتطور الأمر إلى مهاجمة سفن الدول المؤيدة لإسرائيل، ويقصد بها الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا، لذلك تأثرت الملاحة تمامًا فى مضيق باب المندب وبالتالى قناة السويس التى فقدت من دخلها حوالى ستة مليارات دولار فى ستة أشهر، وبالطبع أثر ذلك على الاقتصاد المصرى، وهكذا أصبح تدخل الحوثيين ضد إسرائيل يؤثر فى الاقتصاد المصرى.
أما الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الغربى نحو ليبيا، فنجد أنه بعد رحيل القذافى، تأزم الموقف هناك، وأصبح ذلك الاتجاه الليبى يهدد الأمن القومى المصرى، خاصة بعد وصول المرتزقة من شمال سوريا ووجود القوات التركية داخل غرب ليبيا، وأصبح هناك وزارة فى شرق ليبيا ووزارة فى غرب ليبيا. أما الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى (السودان)، والذى أصبح الآن يهدد الأمن القومى بما يحدث على أرضه، خاصة أنها عمق استراتيجى لمصر فى حوض نهر النيل، وهنا نجد أن التهديدات كثيرة، خاصة أن السودان الآن يشهد أكبر مجاعة فى إفريقيا.
وفى المنطقة المحيطة حاليًا نجد أن الشعب الفلسطينى يتعرض الآن لأقصى عمليات البطش والقتل والتعذيب، وليس التعذيب البدنى بقدر ما جاء من تدمير البنية التحتية، وقطع المياه والكهرباء، والمستشفيات والطرق عنهم، حيث إن البنية التحتية تهدمت فى غزة بنسبة ٨٠٪، أما المبانى فتهدمت بنسبة ٧٠٪، وأصبح الشعب الفلسطينى بلا مأوى. وفى سوريا الحبيبة، فقدت جيشها أعز ما تملك بعد هروب بشار الأسد إلى سوريا، واستولى أبو محمد الجولانى الإخوانى الهوية على دمشق وكل سوريا، ولكن قامت إسرائيل باستغلال الموقف المتردى فى سوريا، حيث قامت بتحقيق أغلى أمنية لها وهى تدمير القوات المسلحة السورية بالكامل، وخرج رئيس سوريا الجديد ليعلن أنه ليس بينه وبين إسرائيل أى خصومة، بعد أن نجحت أمريكا فى تغيير شكله من جديد لإقناع العالم الغربى بأن جبهة النصرة لم تعد إرهابية.
وفى جنوب لبنان نجحت الدول الغربية فى أن تقيم اتفاق وقف إطلاق نار، وهو اتفاق هش، على أن ينسحب حزب الله إلى ما بعد نهر الليطانى، ولكن ما زالت إسرائيل كل يوم تضرب بشدة، مخترقة هذا الاتفاق، وتدمر باقى قوات حزب الله، وما زالت لبنان تعانى من سنين بدون حكومة وبدون رئيس وزراء، وبدون رئيس للبلاد. وأصبحت تركيا الآن تتحكم فى أمور المنطقة، والكل ينتظر وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض يوم ٢٠ يناير ليقدم السلام فى المنطقة كما وعد من قبل خلال حملته الانتخابية.
وعلى الطرف الآخر، الحرب الروسية الأوكرانية التى دخلت عامها الثالث، وليس لها هناك أى نهاية، وأى أمل، خاصة بعد أن دخلت أوكرانيا واحتلت جزءًا من الأراضى الروسية فى منطقة كورسك، وبدأ الجميع أيضًا ينتظر وصول الرئيس ترامب لكى يحقق السلام بين الدولتين، وينهى الحرب كما أعلنها فى حملته الانتخابية. وهكذا فإن الجبهات المشتعلة كلها تنتظر ماذا سيفعل الرئيس ترامب.
عموما سوف أحاول فى مقالتى فى الأسابيع القادمة أن أتناول هذه المناطق الساخنة فى العالم، ونعرف بالتفصيل أبعاد كل منطقة، والمشاكل والتهديدات التى تحيط بها، وما هو المنتظر لها خلال عام ٢٠٢٥، الذى ينتظره الجميع، حيث إن الأمل فى تحقيق السلام ومن بعده الرخاء، وهذا ما سنعرضه فى الأيام القادمة الموقف فى الشرق الأوسط ثم الحرب الروسية الأوكرانية.
Email: sfarag.media@outlook.com
|