العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
أما الطرف الرابع فهو مصر، وأقول إنها ثانى المتضررين. من هذه الحرب، والأحداث فى الشرق الأوسط.
|
رؤية تحليلية نحو عام 2025.. الحرب فى قطاع غزة
لواء د. سمير فرج
|
11 يناير 2025
|
استعرضت فى مقالاتى السابقة رؤية حول ما سيحدث فى عام ٢٠٢٥، حيث بدأت بالحرب الروسية الأوكرانية وتوقعاتى حول مصير هذه الحرب، التى ينتظر أن تنتهى إلى حل واتفاقية سلام بين الطرفين، طبقا لما أعلنه الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية، واليوم ينتظر العالم وصوله إلى البيت الأبيض، لنرى كيف سيحقق وعده بحل السلام بين أوكرانيا وروسيا وينهى هذه الحرب.
وعندما نتوجه إلى الموقف فى غزة ونحلل الأحداث، فإنه أولا، بدراسة موقف إسرائيل، الطرف الأقوى فى هذه الحرب، نرى أنها تنقسم إلى قسمين الأول نتنياهو رئيس الوزراء وهدفه إطالة مدة الحرب، لأن السلام يعنى بالنسبة له دخوله السجن حيث سوف يتم مساءلته عن أسباب قصور الجيش الإسرائيلى بعد حرب استمرت أكثر من عام ضد حماس لم يحقق فيها أهدافه، فهو لم يقض على حماس، ولم يحرر الرهائن، ولم يستول على غزة ويؤمنها. ثانيا إن أمامه ثلاث قضايا مدنية للفساد، ينتظر فيها تنفيذ الحكم بالسجن بعد مغادرته كرسى الرئاسة وذلك فور خروجه من الوزارة، ويواجه أيضا نتنياهو مشكلة أسر الرهائن التى تطالب يوميًا من خلال مظاهرات فى تل أبيب بالإفراج عنهم.
والطرف الثانى فى إسرائيل، وهو وزير الدفاع وباقى الحكومة، فالكل يريد توقف الحرب، وذلك لإخراج الرهائن من أيدى حماس، وإيقاف الحرب، لأن الجيش الإسرائيلى قد تعب من القتال، وتكبد خسائر كثيرة على كل الجبهات علاوة على الخسائر الاقتصادية التى تعانى منها إسرائيل عندما توقفت المصانع والشركات لوجود أفرادهم فى خدمة الجيش الإسرائيلى فى الاحتياط، ورغم أن أمريكا تعوض إسرائيل عن هذه الخسائر الاقتصادية، إلا أنه مازالت أكبر خسائر لأصحاب المصالح فى إسرائيل، كذلك هناك المهاجرون الإسرائيليون من المستوطنات حول غزة والمستوطنات حول جنوب لبنان، وهم حاليًا ٤٠٠ ألف شخص، تركوا مستوطناتهم، ويعيشون حاليًا فى أماكن داخل إسرائيل، ويطالب كل منهما كل يوم بأن يعود إلى مستوطنتهم.
وبالنسبة للفلسطينيين، فهناك السلطة فى رام الله التى تريد أيضا السلام، ولكن بهدف آخر، وهو أحداث اليوم التالى بعد انسحاب إسرائيل من غزة. حيث سيتم خلال ستة شهور إجراء انتخابات لإفراز حكومة تكنوقراط جديدة فى غزة، وبالطبع لن يكون فيها حماس، وبالتالى تضمن حكومة السلطة فى رام الله انضمام وعودة غزة إلى حضن السلطة الفلسطينية فى رام الله، ولكن خوف السلطة فى رام الله، وهو أن العالم يطالب حاليا بتغيير عناصر وأفراد السلطة فى رام الله، وأن عباس ورجاله يجب أن يرحلوا، وأنه يجب أن تكون هناك سلطة جديدة فى رام الله من وجوه شابة تغير الفساد الموجود فى السلطة الفلسطينية حاليًا، على الرغم من أنها عينت رئيس وزراء فلسطينيا جديدا فى رام الله، لكن أمريكا والعالم يطالب بالتغيير الشامل فى السلطة الفلسطينية فى رام الله.
أما الشعب الفلسطينى نفسه فإنه يريد السلام أمس قبل اليوم وخاصة أهالى غزة، خاصة الحالة السيئة التى يعيشونها بلا طعام وبلا مياه نظيفة وبلا مستشفيات، وكل يوم تحت الضغط والقصف الإسرائيلى، ووقوع القتلى والخسائر فى مجازر يومية، والكل بلا مأوى، وأصبح الجميع الآن، يطالب بوقف إطلاق النار والتفاوض لالتقاط الأنفاس، ودخول المعونات الإنسانية، وبدء إعمار غزة. وإعادة بناء البنية الأساسية من مياه وصرف صحى، وكهرباء، وعودة المدارس، والمستشفيات والمنظمات الأممية المتحدة، مثل الأونروا.
وبالنسبة لموقف الضفة الغربية من الفلسطينيين، وإن كانت ظروفهم المعيشية ليست بالسوء مثل أهالى غزة، لكن ظروفهم أيضا تسوء يوما بعد يوم، ولذلك يأمل الفلسطينيون جميعا بعودة السلام وإيقاف إطلاق النار.
أما الطرف الرابع فهو مصر، وأقول إنها ثانى المتضررين. من هذه الحرب، والأحداث فى الشرق الأوسط، بعد الشعب الفلسطينى فى غزة، وهدف مصر حاليا، هو إيقاف إطلاق النار وتحقيق السلام، لأن مصر تتحمل أعباء هذه الحرب، حيث هناك ألف فلسطينى يتم علاجهم فى المستشفيات المصرية، ومع كل منهم مرافق أو اثنان. وأن حجم المساعدات التى تصل إلى غزة ٨٠٪ منها من مصر، من قوت الشعب المصرى، وأن القتال فى باب المندب خسر مصر حاليًا ٦ مليارات دولار، وهو نصف إيراد قناة السويس.
كذلك فإن أعمال القتال فى المنطقة قد أضرت بالسياحة المصرية ضررًا كبيرًا فى الفترة الماضية، وهى أحد عناصر الدخل للخزينة المصرية من العملات الحرة. كذلك هناك استنفار الجيش المصرى على الحدود الذى يمثل تحديًا أيضا للأمن القومى المصرى، كذلك أقامت مصر معسكرًا لأهالى غزة فى رفح وخان يونس من خلال الهلال الأحمر المصرى.
والآن، ونحن فى بداية العام الجديد، فإن مصر تعمل بكل جهدها لوقف إطلاق النار فى غزة، بهدف إدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى الذى أصبح على شفا مجاعة كبيرة حيث أقنعت مصر حماس بأن تقدم بعض المرونة فى موقفها لوقف إطلاق النار بهدف السماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية.
ومن هذا المنطلق، طلبت مصر حضور رئيس الأركان الإسرائيلى ورئيس الشاباك إلى مصر، ليبحث وقف إطلاق النار وتقريب وجهات النظر، كذلك استقبلت مستشار الرئيس الأمريكى جاك سوليفان لإعلان أمريكا عن بنود الاتفاق التى وصلت إليها بين حماس وإسرائيل والمساعدة فى حل باقى الخلاف حول أعداد الأسرى والرهائن من كل جانب وأسلوب السيطرة على معبر رفح من جهة غزة.
ومن هذا المنطلق، وافقت حماس على وقف إطلاق النار وتنازلت عن شرط الانسحاب الإسرائيلى الكامل من غزة قبل إطلاق سراح الرهائن وبدأت الآن مصر فى التفاوض على النواحى التفصيلية فى تنفيذ الاتفاق، حول أعداد المفرج عنهم من كل جانب، وكذلك الأسماء، حيث تعترض إسرائيل مثلا على الإفراج عن مروان البرغوثى، حتى لا تتكرر مأساة الإفراج عن السنوار الذى أفرجت عنه، وأصبح زعيمًا للمقاومة ضد إسرائيل، وإن كنت أرى من وجهة نظرى الشخصية أن نتنياهو لا يريد الإفراج عن الرهائن لعدة أسباب، أولها إطالة زمن الحرب حتى وصول الرئيس ترامب للحكم، وحتى يعطى له الفرصة وهو صديقه، لكى يحقق السلام ويصبح هو رجل السلام.
أما النقطة الثانية أن نصف الرهائن قد تم قتلهم بواسطة نيران الصواريخ والطائرات الإسرائيلية، ولذلك فهو يخشى بعد استلام جثث القتلى من الرهائن أن يثور عليه الشعب الإسرائيلى، لأنه كان من الممكن أن يوافق على المبادرة التى أطلقها جو بايدن فى إبريل الماضى وكان سيمنع قتل هؤلاء الرهائن بمعرفة الطائرات والصواريخ الإسرائيلية.
Email: sfarag.media@outlook.com
|