العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
ومن هنا جاءت قوة إيران العسكرية، بالذات، فى المنطقة، بل جاءت سيطرتها على مضيق هرمز وباب المندب من خلال الحوثيين.
|
رؤية تحليلية نحو عام ٢٠٢٥.. إيران وسوريا
لواء د. سمير فرج
|
18 يناير 2025
|
جاءت الأحداث الأخيرة فى سوريا مع تولى أبومحمد الجولانى (أحمد الشرع)، قائد هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة (سابقًا) مقاليد الأمور فى سوريا، وهروب بشار الأسد إلى روسيا لتكون محور التحليلات لكل ما يدور فى منطقة الشرق الأوسط حاليًّا.
واليوم، نتناول إيران تلك الدولة المسلمة ذات الاتجاه الشيعى، والتى كانت الدولة الفارسية قديمًا، وهى ثانى أكبر دولة فى الشرق الأوسط من حيث تعداد السكان ٨٥ مليون نسمة بعد مصر. وتعد إيران قوة إقليمية مؤثرة حيث إنها تحتل مكانة متميزة ضمن منظومة الطاقة الدولية والاقتصاد العالمى، حيث يوجد بها ثانى أكبر احتياطى للغاز فى العالم ورابع احتياطى للبترول.
وفى عام ١٩٧٩، بعد الثورة الإسلامية وصل الخمينى للسلطة وأصبحت دولة إسلامية يرأسها المرشد الأعلى للقوة الإسلامية، وخلال هذه الفترة قررت إيران امتلاك السلاح النووى لتكون الدولة العاشرة فى النادى الدولى النووى، وبالطبع لم يرض ذلك الفكر المجتمع الدولى الذى يعارض انضمام أى دولة إلى النادى النووى، لذلك فُرضت عليها عقوبات اقتصادية كبيرة، وتم تجميد حوالى ١٥٠ مليار دولار من أصولها فى العالم ولكن ايران قوة جيوبولتيكية فى منطقة الشرق الأوسط بسبب الغاز والبترول كذلك يتمثل فى سيطرتها على مضيق هرمز الذى يمر منه نفط الخليج من دول الخليج العربى إلى العالم كله، وفى محاولة تحجيم دور إيران النووى وقعت معها الدول الأوروبية وأمريكا الاتفاق ٥+١ لإيقاف القوة النووية.
لكن جاء الرئيس ترامب فى الفترة الأولى من حكمه وألغى هذا الاتفاق وبدأت إيران فى التفكير أن يكون لها قوة فى منطقة الشرق الأوسط من خلال سيطرتها على الشرق الأوسط على من خلال خمس أذرع عسكرية، وهى حزب الله فى لبنان، وحماس فى غزة، وحزب الله فى سوريا، والحشد فى العراق، والحوثيين فى اليمن. ومنذ بدء محاولة إيران تملك السلاح النووى، أصبحت هى العدو الرئيسى لإسرائيل خلال الفترة السابقة، حيث كانت إيران تمد أذرعها العسكرية الخمس بالسلاح، والطائرات المسيرة، والصواريخ البالستية، علاوة على تدريب هذه العناصر وتمويلها بالمال.
ومن هنا جاءت قوة إيران العسكرية، بالذات، فى المنطقة، بل جاءت سيطرتها على مضيق هرمز وباب المندب من خلال الحوثيين. لذلك كله ظهرت قوة إيران وسيطرتها على المنطقة التى تتحكم فى مسارات الطاقة فى العالم كله بل بلغت سيطرتها، حتى البحر المتوسط من خلال لبنان وسوريا وغزة من خلال حزب الله، وحماس؛ حتى إن لبنان ظل بدون رئيس جمهورية لمدة سنتين بسبب سيطرة إيران على حزب الله، وبالتالى سيطرت السياسة الإيرانية على لبنان وكذلك نجحت إيران فى أن تكون سوريا ضمن السيطرة الإيرانية المباشرة بواسطة حزب الله التابع لها، من هنا أصبحت سوريا مصدر تهريب الأسلحة والأموال إلى حزب الله فى لبنان، وحماس فى غزة.
ولقد حاولت إسرائيل خلال فترة الرئيس أوباما الحصول على موافقة أمريكية لضرب المفاعلات الإيرانية بضربة صاروخية، ولكن أمريكا رفضت، وكذلك فى عهد ترامب وجو بايدن، لأن الجميع فى البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) يعلم قوة إيران العسكرية التى يمكن أن تسبب انهيارًا فى الاقتصاد العالمى، بتحكمها فى مسارات الطاقة فى مضيق هرمز وباب المندب؛ ولذلك لجأت إسرائيل إلى اغتيال علماء الذرة، والدخول على منصات وشبكات الأسلحة النووية الإيرانية وجاء قرار ترامب بالقضاء على قاسم سليمانى، قائد الحرس الثورى الإيرانى، الأمر الذى أظهر عدم قدرة إيران على الرد ضد الولايات المتحدة بضرب قاعدة عين الأسد فى العراق دون إحداث أى ضرر فى القاعدة من البشر. وجاءت الضربة الحاسمة ضد إيران بسقوط سوريا فى يد أبومحمد الجولانى أو أحمد الشرع، بل سيطرة تركية على سوريا.
وبذلك تخلصت سوريا من عباءة السيطرة الإيرانية لكى ترتدى العباءة التركية، وبذلك فقدت إيران أهم قوة لها فى المنطقة خاصة بعد أن فقدت حماس قوتها العسكرية بعد حرب لنحو ١٥ شهرًا مع إسرائيل، كذلك فقد حزب الله فى لبنان كثيرًا من قوته التى نجحت إسرائيل فى تدميرها وبالتالى فقدت قوتها السياسية فى الشارع اللبنانى، وكان أبرز مثال على ذلك نجاح لبنان فى اختيار رئيس الجمهورية الجديد الجنرال عون، بعد أن كان ذلك أمرًا مستحيلًا من خارج سيطرة حزب الله، ويبدو أن الأمور أخذت الاتجاه الأسوأ لإيران منذ فقدت أذرعها فى غزة ولبنان، وكذلك فقدت سوريا التى كانت تعتبر خط الدفاع الأمامى لها وأصبح الموقف معقدًا للغاية، وأعتقد أن خروج سوريا من العباءة الإيرانية ودخولها العباءة التركية قد حقق اهتزازًا كبيرًا فى قدرة إيران السياسية وحتى العسكرية فى المنطقة.
ومع وصول الرئيس ترامب إلى السلطة فى البيت الأبيض الفترة القادمة سوف يصبح الأمر أكثر تعقيدًا، خصوصًا أن ترامب أعلن ضمن تصريحاته قبل تولى السلطة فى البيت الأبيض أنه لن يسمح لإيران بتملك السلاح النووى، بل سيقوم بضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وهذا التصريح أعتقد أنه تصريح دعائى أكثر منه فعليًا لأنه لو قرر ذلك أعتقد أن رجال البنتاجون فى وزارة الدفاع الأمريكية سوف يعارضون الرئيس ترامب لأن هذه الضربة سوف تفجر الموقف فى إيران، حيث إنها لن تجد بعدها ما تخاف عليه وستبدأ باستخدام قوتها النيرانية فى المنطقة وأهمها جماعة الحوثيين للتأثير على المنطقة بالكامل وضرب المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط الخاصة مثل مناطق النفط فى الخليج، وأعتقد أنها منذ عدة سنوات قامت بضرب مناطق البترول فى أرامكو، خصوصًا أن تواجد القوات الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط حاليًا لا يسمح لها بالدفاع عن المنطقة.
وفى حالة تفكير أمريكا بتنفيذ أى ضربة ضد إيران، فلن تبدأ قبل ثلاثة إلى أربعة أشهر بعد إعادة تمركز القوات الأمريكية من أوروبا أو أمريكا، وإعادة تمركزها فى منطقة الشرق الأوسط لتكون قادرة على صد أى عمليات إيرانية؛ لذلك أتوقع أن ذلك الحل العسكرى ليس فى أولويات أمريكا فى الأيام القادمة ضد المفاعلات النووية فى ايران، وعمومًا فإن إيران تقوم حاليًّا بتسريع عملية إنتاج السلاح النووى ويحتمل أن تكون قادرة على إنتاج من خمس إلى ست قنابل نووية فى النصف الأول من عام ٢٠٢٥، طبقًا للتصريحات، التى أعلنها وليام بيرنز مدير الاستخبارات الأمريكية CIA؛ لذلك فإن الوضع فى إيران الآن وصل إلى منطقة خطرة، والجميع ينتظر ماذا سيحدث فى المستقبل!.
Email: sfarag.media@outlook.com
|