العودة إلى الفهرس الرئيسي
لتحميل الوثيقة في صورة PDF
من المقــال
ولنبدأ بالحرب الروسية الأوكرانية التى بدأت فى ٢٢ فبراير من عام ٢٠٢٢، عندما رفضت روسيا انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو.
|
رؤية تحليلية نحو عام ٢٠٢٥.. الحرب الروسية الأوكرانية
لواء د. سمير فرج
|
1 فبراير 2025
|
مع بدايات عام جديد ٢٠٢٥، تبدأ معها الآمال نحو عام يحل فيه السلام على العالم كله، بعد أن رحل العام الماضى ٢٠٢٤ بآلامه وأحزانه، والتى أثرت فيه على كل دول العالم، وهذا العام يبدأ ونحن مع العام الثالث من الحرب الروسية الأوكرانية.
والحقيقة أننى مازلت مؤمنًا، بما سبق وأن سطرته فى مثل هذا المكان، وتحديدًا عند اندلاع الحرب بين روسيا أوكرانيا، عندما قلت إننا نعيش، الآن، زمن الأوانى المستطرقة، بمعنى أن أى حدث، أيًا كان موقعه على الكرة الأرضية، تنعكس آثاره على باقى دول العالم، بصرف النظر عن اتجاهاتها وأيدولوجيتها السياسية، أو قوتها العسكرية.
واليوم اسمحوا لى أن أبدأ سلسلة من المقالات المبسطة، لنتعرف على مناطق الحروب، أو الأحداث الساخنة، التى يمر بها العالم، حاليًا، وتأثير كل منها سواء علينا، أو على باقى دول العالم، والتى سأبدأها أولًا بالحرب الروسية الأوكرانية، تليها أحداث حرب غزة بين حماس وإسرائيل، ثم صراع «التنين النائم»، وأقصد به تحركات الصين لاسترداد تايوان من ناحية، ومن ناحية أخرى تلك المعركة الاقتصادية المستمرة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، بما فيها الأزمة الناجمة عن العقوبات الاقتصادية التى فرضتها عليها الولايات المتحدة الأمريكية، وتأثير ذلك على اتجاهات الاقتصاد العالمى.
كذلك فى تناول الأحداث فى معركة حزب الله وإسرائيل فى جنوب لبنان، وكيف تأثرت لبنان بهذه الحرب التى دفعت دول أوروبا وعلى آثارها فرنسا إلى سرعة تحقيق وقف إطلاق النار الهش لتقليل التدمير الذى حدث فى البنية الأساسية فى لبنان ونجحت الدول الأوروبية فى تحقيق وقف إطلاق النار الذى تخترقه إسرائيل يوميا تحت ستر اختراقات من حزب الله، ولكنها فى الواقع تستكمل تدمير بائس لقوات حزب الله فى لبنان.
بعد ذلك نتابع الأحداث فى سوريا ونجاح الولايات المتحدة فى عقد الصفقة من خلال الوسيط التركى لإقناع كل من روسيا بالتخلص من بشار الأسد حتى تسقط سوريا بالكامل فى يد هيئة تحرير الشام (النصرة) ويصبح أبومحمد الجولانى مسيطرا على سوريا بالكامل، مما أعطى الفرصة لإسرائيل لتدمير الجيش السورى بالكامل، وتستولى إسرائيل على باقى هضبة الجولان وجبل الشيخ لتحقق إسرائيل فى عدة أيام ما لم تحققه فى الخمسين عامًا الماضية.
وأخيرًا يختتم هذا التحليل بما يحدث فى السودان العمق الاستراتيجى لمصر وما يحدث فى ليبيا العمق الاستراتيجى الغربى الذى يؤثر على الأمن القومى المصرى المباشر.
ولنبدأ بالحرب الروسية الأوكرانية التى بدأت فى ٢٢ فبراير من عام ٢٠٢٢، عندما رفضت روسيا انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، لما فى ذلك من تهديد لأمن روسيا القومى، باعتبار أوكرانيا دولة حدودية، وعلى أثر ذلك، شنت هجومًا عسكريًا، نجحت من خلاله فى السيطرة على ٢٠٪ من الأراضى الأوكرانية، وأعلنتها أربع مقاطعات مستقلة، وهى لوهانسك ودونيتسيك وزابورجيا وخيرسون، لتجرى، بعد ذلك، استفتاءً شعبيًا، قامت بمقتضى نتائجه، بضم تلك المقاطعات الأربع إلى روسيا.
وخلال تلك الحرب، التى أوشكت أن تتم عامها الثالث قامت الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها كل دول حلف الناتو، ودول الاتحاد الأوروبى، بمساعدة أوكرانيا عسكريًا واقتصاديًا، إلا أن الدعم العسكرى اقتصر على الأسلحة الدفاعية، وليس الهجومية، حيث كان هدف أمريكا، إطالة زمن القتال، فى تلك الحرب، لإنهاك روسيا اقتصاديًا وعسكريًا. فلو كانت أمريكا تستهدف نصرة أوكرانيا، فى حربها مع روسيا، وتمكينها من استعادة أراضيها، لأمدتها بالأسلحة الهجومية اللازمة لتنفيذ تلك الخطة النوعية، لذا جاءت النتيجة الحتمية، بفشل الهجوم المضاد الأوكرانى، فى الربيع الماضى، واستكمال روسيا لعملياتها الدفاعية عن الأراضى التى ضمتها إليها، وفى المقابل بدأ الدعم الأمريكى والأوروبى، إلى أوكرانيا، فى التراجع.
ورغم اقتصار العمليات العسكرية على الدولتين الأوروبيتين؛ روسيا وأوكرانيا، بما يمكن وصفها بأنها حرب إقليمية، إلا أنها تعتبر حربًا عالمية من حيث التأثير، إذ تأثرت كافة دول العالم سلبًا، جراء تلك الحرب، فى ظل كون الدولتين أكبر منتج، ومُصدر، للغلال أو الحبوب، خاصة القمح والذرة، على مستوى العالم، مما أدى إلى اضطراب سلاسل الإمداد العالمية من الحبوب، وارتفعت أسعارها لمعدلات غير مسبوقة، بالإضافة إلى كون روسيا أكبر مُصدر للغاز إلى أوروبا، والتى شهدناها تسعى لتغطية نقص إمدادات الطاقة إليها، بعدما قررت روسيا إجراء صيانة لخط الغاز الرئيس الواصل إلى أوروبا.
إلا أن أوكرانيا فاجأت الجميع وقامت بالهجوم ضد روسيا، وقامت باحتلال جزء كبير من مقاطعة كورسك داخل الأراضى الروسية، وبدا أن روسيا لم تكن قد وضعت خطة متكاملة للدفاع عن إقليم كورسك، وكانت الدفاعات هناك ضعيفة، الأمر الذى استغلته القوات الأوكرانية واندفعت لاختراق هذه الدفاعات مفاجئة الجميع بدءًا من القوات الروسية وباقى دول العالم، وحققت توغلا داخل الأراضى الروسية بحوالى ٢٠ كم، واستولت القوات الأوكرانية على المنطقة المخترقة هناك، ونظمت دفاعاتها حتى إن القوات الروسية وجدت صعوبة فى طرد القوات الأوكرانية واستعادة الأراضى الروسية.
وبعدها وقبل أن يغادر بايدن مكانه فى البيت الأبيض، سمح للقوات الأوكرانية بضرب الجيش الروسى بالأسلحة الأمريكية والبريطانية ستورم شادو وهيمارس الأمريكى، وهنا جاءت ثورة بوتين على ما قاله بايدن وهاجم أوكرانيا لأول مرة باستخدام الصاروخ الجديد وهو يحمل رؤوسا غير نووية فى إنذار واضح لأوكرانيا أن المرة القادمة سوف تكون هذه الرؤوس النووية داخل الأراضى الأوكرانية.
ويبدو أن أمريكا تفهمت هذا الموضوع، لأن الجميع كان يرى أن ما فعله جو بايدن كان بهدف تعقيد القتال على الجبهة الروسية الأوكرانية، حتى لا يعطى ترامب الرئيس القادم فرصة للسلام كما وعد خلال حملته الانتخابية.
ويبدو أن الجميع يستعد لعقد اتفاقية السلام بين روسيا وأكرانيا، حيث من المنتظر أن توافق أمريكا على الخطوط العريضة لاتفاقية السلام بالموافقة على عودة شبه جزيرة القرم إلى السيادة الروسية، والموافقة على ضم المقاطعات الأربع لوهانسيك ودونيتسك وزابورجيا وخيرسون إلى روسيا. مع منحها الحكم الذاتى، على أن تعترف أوكرانيا بعدم انضمامها لحلف الناتو مستقبلًا، كذلك التعهد بعدم امتلاك السلاح النووى.
وعلى الجانب الروسى، فإن روسيا سوف تتقدم بتعهد بعدم مهاجمة أوكرانيا بعد ذلك، وأن تشترك فى صندوق إعادة الإعمار الأوكرانى. بعد تحقيق السلام ولعل من أبرز ما قيل فى الاتفاقية أنه تمت الموافقة على إعطاء الرئيس الأوكرانى زيلينسكى حق اللجوء السياسى إلى لندن ليقضى فيها بقية حياته.
وأخيرا ما زال العالم ينتظر تحقيق السلام فى الفترة القادمة الذى سيحل على العالم كله.
Email: sfarag.media@outlook.com
|